قال الإمام عبد العزيز بن يحيى الكنانيّ، صاحب الشافعي رحمهما الله تعالى، في كتاب "الرد على الجهمية": (زعمت الجهمية أن معنى استوى "استولى" من قول العرب: استوى فلان على مصر، يريدون استولى عليها. قال: فيقال له: هل يكون خلقٌ من خلق الله أتت عليه مدة ليس بمستول عليه؟ فإذا قال لا، قيل له: فمن زعم ذلك فهو كافر، فيقال له: يلزمك أن تقول: إن العرش أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه، وذلك لأنه أخبر أنه سبحانه خلق العرش قبل السماوات والأرض، ثم استولى عليه بعد خلقهن، فيلزمك أن تقول: المدة التي كان العرش قبل خلق السماوات والأرض ليس الله بمستولٍ عليه فيها).
٢ - بطلان دعوى الجهمية - الله في كل مكان -:
قال الإمام أحمد - في كتابه الرد على الجهمية -: (وقلنا للجهمية: زعمتم أن الله في كل مكان، لا يخلو منه مكان، فقلنا لهم: أخبرونا عن قولِ الله جل ثناؤه: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا...﴾ [الأعراف: ١٤٣]. لِمَ تَجَلّى، إذا كان فيه بزعمكم؟ ولو كان فيه، كما تزعمون، لم يكن يتجلى لشيء. لكن الله تعالى على العرش، وتجلى لشيء لم يكن فيه، ورأى الجبل شيئًا لم يكن يراه قط قبل ذلك.
وقلنا للجهمية: الله نور؟ فقالوا: نور كله. فقلنا: قال الله عز وجل: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا...﴾ [الزمر: ٦٩]. فقد أخبر جل ثناؤه أن له نورًا، قلنا: أخبرونا، حين زعمتم أن الله في كل مكان، وهو نور، فلم لا يضيء البيت المظلم من النور الذي هو فيه إذا زعمتم أن الله في كل مكان؟ وما بال السراج إذا أدخل البيت المظلم يضيء؟ فعند ذلك تبين كذبهم على الله. فرحم الله من عقل عن الله، ورجع عن القول الذي يخالف الكتاب والسنة، وقال بقول العلماء، وهو قول المهاجرين والأنصار، وتَرَك دين الشيطان، ودين جهم وشيعته).
٣ - مفهوم قوله تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ...﴾ [الأنعام: ٣]. أي: إله من في السماوات، وإله من في الأرض.
قال الإمام أحمد - في الرد على الجهمية -: (ومما أنكرت الجهمية الضُّلال أن يكون الله سبحانه على العرش، فقلنا: لِمَ أنكرتم ذلك؟ إن الله سبحانه على العرش، وقد قال سبحانه: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]. وقال: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٩]. قالوا: هو تحت الأرضين السابعة كما هو على