قلت: الرجس في لغة العرب: القذَر. وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [يونس: ١٠٠] إنه العقاب والغضب، وهو مضارع لقوله الرِّجز). ومن ثَمَّ فالمعاني السابقة كلها واردة ويحتملها البيان الإلهي الكريم.
وقوله: ﴿أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾.
يعني بذلك الأصنام التي كانوا يعبدونها ولها أسماء مختلفة، سميتموها أنتم وآباؤكم آلهة، فالاسم هنا بمعنى المسمّى. ومن هذه الأسماء العُزّى - من العِزّ والأعز - واللات، وفي حقيقتها لا تملك من العز والإلهية شيء ولا حجة لكم من الله بعبادتها.
وقوله: ﴿فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: فانتظروا حكم الله فينا وفيكم، ﴿إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾، حكمَه وفصل قضائه فينا وفيكم).
وقوله تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾.
أي: كانت النجاة لهود عليه الصلاة والسلام ومن آمن معه، وكان الهلاك والعذاب على من كذب وتولى وأعرض عن الإيمان بالله ورسوله. قال ابن زيد: (﴿وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾، قال: استأصلناهم).
أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - ﷺ - قال: [نُصِرْتُ بالصَّبا، وَأُهْلِكَت عادٌ بالدَّبور] (١).
٧٣ - ٧٩. قوله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ