لتسكنوها أيام الصيف. قال: ﴿وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا﴾ أي: لتسكنوها أيام الشتاء).
وقال القرطبي: (﴿فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ﴾ أي: نعمه. وهذا يدلّ على أن الكفار منعم عليهم).
وقال قتادة: (﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾. يقول: لا تسيروا في الأرض مفسدين).
قلت: وفي الآية دلالة على جواز البناء الرفيع والاعتناء بالمسكن المتسع المليء بالمرافق، فإن المسكن الواسع الكثير المرافق من سعادة المسلم في هذه الحياة الدنيا. وفي ذلك أحاديث من السنة المطهرة:
الحديث الأول: أخرج الحاكم بسند حسن عن سعد مرفوعًا: [ثلاث من السعادة، وثلاث من الشقاوة، فمن السعادة: المرأة تراها تعجبك، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعةً كثيرة المرافق. ومن الشقاوة المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غِبْتَ عنها لم تأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون قطوفًا، فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركتها لم تُلْحِقْكَ بأصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق] (١).
الحديث الثاني: أخرج ابن حبان في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - ﷺ -: [أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء. وأربع من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيق] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الترمذي بسند حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: [إذا أنعم الله على عبدٍ أحبَّ أن يُرى أثر النعمة عليه] (٣).
وفي التنزيل: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (١٢٣٢)، والخطيب في "التاريخ" (١٢/ ٩٩)، وأخرجه أحمد (١/ ١٦٨) - قال المنذري: رواه أحمد بإسناد صحيح - وأخرجه الطبراني في "الكبير" (١/ ١٩/ ١)، و"الأوسط" (١/ ١٦٣/ ١). وانظر الصحيحة (٢٨٢). ورواه الحاكم والبيهقي وفيه: [وأربع من الشقاء: المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكنُ الضيق].
(٣) حديث حسن. أخرجه الترمذي (٢٨١٩)، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وحَسَّنَه.