خدمك وعبيدك عليك في أرضك من مصر، ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾، يقول: ﴿وَيَذَرَكَ﴾ ويدع خِدْمتك موسى وعبادتك وعبادة آلهتك).
وقوله: ﴿قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾.
أي: قال فرعون: سنقتل الذكور من أبنائهم - من أولاد بني إسرائيل - ونستبقي الإناث منهم، وإنا قاهرون لهم بالملك والسلطان، عالون عليهم بالحكم والقرار.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
أَمْرٌ بالصبر والتقوى، فالعاقبة للمتقين في الدارين.
قال القرطبي: (أطمعهم في أن يورثهم الله أرض مصر. ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ أي: الجنة لمن اتقى وعاقبة كل شيء: آخره. ولكنها إذا أطلقت فقيل: العاقبة لفلان فُهِمَ منه في العُرْف الخير).
وقوله: ﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا...﴾ الآية.
قال ابن جرير: (﴿قَالُوا أُوذِينَا﴾ بقتل أبنائنا، ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا﴾، يقول: من قبل أن تأتينا برسالة الله إلينا، لأن فرعون كان يقتل أولادهم الذكور حين أظلَّهُ زمان موسى).
وقال السدي: (فلما تراءى الجمعان فنظرت بنو إسرائيل إلى فرعون قد رَدِفَهم، قالوا: "إنا لمدركون"، وقالوا: ﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا﴾، كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا، ﴿وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾، اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا، إنا لمدركون).
وعن ابن عباس قال: (سار موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر، فالتفتوا فإذا هم بِرَهَج دَوَّابِ فرعون، فقالوا: يا موسى - ﴿أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾، هذا البحر أمامنا، وهذا فرعون بمن معه! قال: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾). قلت: و"عسى" من الله واجب، وقد حقّق الله لهم الوعد (١).