رسول الله - ﷺ - يقول: [إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم نورًا من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل، فلذلك أقول: جفّ القلم على علم الله عز وجل] (١).
وأخرج ابن أبي عاصم في كتاب السنة، ورجاله رجال الشيخين، عن أبي هريرة: [أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله! أنعمل في أمر نأتَنِفُهُ، أم في أمر قد فرغ منه؟ قال: بل في أمر قد فرغ منه. فقال: ففيم العمل؟. فقال: يا عمر، كلا لا يدرك إلا بعمل. قال: فالآن نجتهد يا رسول الله] وأصله في الصحيحين (٢).
وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.
أي: يا معشر المؤمنين أجيبوا ربكم ونبيكم إذا دعاكم لما فيه مصلحتكم وحياتكم ونفعكم. وفيه أقوال:
١ - قال السدي: (أما ﴿مَا يُحْيِيكُمْ﴾، فهو الإسلام، أحياهم بعد موتهم، بعد كفرهم).
٢ - قال مجاهد: (قول الله: ﴿لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾، قال: الحق).
٣ - قال قتادة: (هو هذا القرآن، فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة).
٤ - قال ابن إسحاق: (﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾، أي: للحرب الذي أعزكم الله بها بعد الذل، وقوّاكم بعد الضعف، ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم).
قلت: وكل ما سبق داخل تحت مفهوم قوله تعالى: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.
قال البخاري: (﴿اسْتَجِيبُوا﴾: أجيبوا. ﴿لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾: لما يُصْلِحُكم).
ثم ذكر البخاري في كتاب التفسير من صحيحه تحت هذه الآية حديث أبي سعيد بن

(١) حديث حسن. أخرجه الترمذي (٢/ ١٠٧)، وأحمد (٢/ ١٧٦، ١٩٧)، وابن حبان (١٨١٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن أبي عاصم (١٦٥)، والآجري (ص ١٧٠). وانظر مختصر صحيح مسلم (١٨٤٣)، وصحيح مسلم (٨/ ٤٨ - ٤٩) و (٨/ ٤٦ - ٤٧).


الصفحة التالية
Icon