قلت: ولا شك أن كل الأقوال السابقة تدخل في مفهوم الآية، وقد جاءت السنة المطهرة بأحاديث في آفاق هذا المعنى:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه سمع رسول الله - ﷺ - يقول: [إن قلوبَ بني آدمَ كلَّها بَيْن إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصابِعِ الرحمان، كَقَلْبٍ واحد، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يشاء، ثم قال رسول الله - ﷺ -: اللَّهُمَّ! مُصَرِّفَ القلوب صَرِّفْ قُلوبَنا على طاعتك] (١).
الحديث الثاني: أخرج الترمذي وأحمد وأبو يعلى بسند صحيح عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: [كان النبي - ﷺ - يكثر أن يقول: يا مُقَلِّبَ القلوب، ثبت قلبي على دينك. قال: فقلنا: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به. فهل تخاف علينا، فقال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله تعالى يُقَلِّبها] (٢).
الحديث الثالث: أخرج النسائي في "الكبرى" وابن ماجه في السنن بسند صحيح عن النَّوَّاس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع رب العالمين إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يُزيغه أزاغه، وكان يقول: يا مقلب القلوب، ثبت قلوبنا على دينك. قال: والميزان بيد الرحمن يخفضه ويرفعه] (٣).
الحديث الرابع: أخرج ابن ماجه بسند صحيح عن أبي موسى عن النبي - ﷺ - قال: [مثل القلب مثل الريشة تقلبُها الرياح بفلاة] (٤).
وفي لفظ غيره: (مثل القلب في تقلبه كالقِدْرِ إذا استجمعت غليانًا).
وقوله: ﴿وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
أي: ومع تقليبه سبحانه قلوبكم فإن مصيركم إليه، ومآلكم الوقوف بين يديه،
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي في الجامع - حديث رقم - (٢١٤١)، وأحمد في المسند (٣/ ١١٢)، و (٣/ ٢٥٧)، وأبو يعلى (٣٦٨٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجه النسائي في "الكبرى" (٧٧٣٨)، وابن ماجه في السنن (١٩٩)، وأحمد في المسند (٤/ ١٨٢)، وغيرهم وإسناده صحيح.
(٤) حديث صحيح. رواه ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي موسى مرفوعًا. انظر تخريج مشكاة المصابيح (١٠٣)، وصحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (٥٧٠٩).