-- قال: [والذي نفسي بيده، لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكَنَّ الله أن يبعث عليكم عِقابًا من عنده، ثم لتدْعُنَّهُ فلا يستجيبُ لكم] (١).
الحديث الرابع: أخرج ابن ماجه بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري: [أن رسول الله - ﷺ - قام خطيبًا، فكان فيما قال: ألا، لا يَمْنَعَنَّ رجُلًا، هَيْبَةُ الناسِ، أن يقولَ بحقٍّ، إذا عَلِمَهُ. قال: فبكى أبو سعيد، وقال: قد والله! رأينا أشياء، فهبنا] (٢).
الحديث الخامس: أخرج الإمام أحمد بسند جيد عن أم سلمة زوج النبي - ﷺ - قالت: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إذا ظهرت المعاصي في أمَّتي، عَمَّهم الله بعذاب من عنده. فقلت: يا رسول الله، أما فيهم أناسٌ صالحون؟ قال: بلى. قالت: فكيف يَصْنع أولئك؟. قال: يصيبهم ما أصاب الناسَ، ثم يصيرون إلى مغفرةٍ من الله ورضوان] (٣).
وقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. أي: إذا عاقب، وهو تهديد ووعيد على الاستهانة في حمل هذه الأمانة، أو التغاضي عن المنكر يتفشى وينتشر في الأرض.
٢٦ - ٢٩. قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)﴾.
في هذه الآيات: يُذكِّرُ الله تعالى المؤمنين أصحاب النبي - ﷺ - أيام الضعف التي أبدلها

(١) صحيح بشواهده. أخرجه الترمذي (٢١٦٩)، وأحمد (٥/ ٣٩١)، وحسنه الترمذي وأقرّه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (٢/ ٣٠٨)، وله شواهد كثيرة.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه في السنن (٤٠٠٧) - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -. وانظر صحيح سنن ابن ماجه (٣٢٣٧).
(٣) جيد. أخرجه أحمد (٦/ ٢٩٤ - ٢٩٥)، (٦/ ٣٠٤، ٤١٨)، وقال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٢٦٨): رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح.


الصفحة التالية
Icon