يَنْتَهُونَ (١٢) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥)}.
في هذه الآيات: خطاب الله تعالى عباده المؤمنين: كيف يستقيم عهد المشركين وقد كفروا بالله وليس بعد الكفر ذنب! فإن تمسكوا بما عاهدتموهم يوم الحديبية فأوفوا لهم عهدهم والله يحب المتقين.
إنهم يجمعون في صدورهم المكر والغدر والخديعة والبغضاء ولا يراعون في الحقيقة عهدًا ولا قرابة، فتنبهوا لذلك فإن أكثرهم فاسقون.
لقد استبدلوا بالقرآن متاع هذه الدنيا، ومنعوا المؤمنين من اتباع الحق، وأولئك هم المعتدون.
فإن تركوا الأوثان وأقبلوا على عبادة الرحمن، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فهم إخوانكم في الدين، وبذلك تحرم دماؤهم.
وإن نقضوا العهد الذي بينكم وبينهم، وطعَنوا في دينكم، فقاتلوا رؤوس الكفر حتى تنكسر أو تنفك من الكفر والعناد.
أتخشون قتال قوم أَذاقُوكُم أَلَمَ المكر والطعن والغدر والتهجير من الديار، وهم الذين أعلنوا الحرب عليكم؟ ! إن الله أحق أن تخشوه إن كنتم صادقين.
فانفروا لقتالهم يعذبهم الله بأيديكم ويشف بنصركم عليهم صدوركم، ثم يتوب سبحانه على كل من تاب، فأقلع عن الظلم والإثم وأناب، والله عليم حكيم.
فقوله: ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ﴾، أي: لا يستقيم عهد القوم وهم مشركون بالله كافرون به وبرسله.
وقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ الآية، قال ابن كثير: (يعني يوم الحديبية، كما قال تعالى: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [الفتح: ٢٥] الآية، ﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾، أي: مهما