قال ابن عطية: (ويُقال إن بعضهم يعتقدها بنوّة حنوّ ورحمة).
قال القرطبي: (وهذا المعنى أيضًا لا يحل أن تطلق البنوّة عليه، وهو كفر).
وقوله: ﴿ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾، تكذيب من الله سبحانه للطائفتين، وأنهم افتروا على الله الكذب فيما قالوه ونسبوه.
وقوله: ﴿يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ﴾ - فيه أقوال متقاربة:
١ - قال ابن عباس: (يُشبِّهون). وقال قتادة: (ضاهت النصارى قول اليهود قبلهم).
وقال السدي: (النصارى يضاهئون قول اليهود في "عزير").
٢ - وقال ابن عباس في رواية: (يقول: قالوا مثل ما قال أهل الأوثان).
٣ - وقيل: يحكون بقولهم قول أهل الأوثان، الذين قالوا: (اللات، والعزّى، ومناة الثالثة الأخرى) - ذكره ابن جرير.
قلت: وأصل المضاهاة في كلام العرب من ضهأ أو ضهي.
قال الرازي: (المضاهأة: المشاكلةُ، تُهْمَزُ وتُلَيَّنُ وقرئ بهما)، وكذلك المضاهاة.
والمقصود بالآية المشابهة في طريقة الافتراء بالنعت والوصف دون حجة أو برهان.
ولذلك قال الله تعالى: ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾، قال ابن عباس: (لعنهم الله. وكل شيء في القرآن "قتل"، فهو لعن).
قال ابن كثير: (﴿أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾، أي: كيف يضلون عن الحق، وهو ظاهر، ويعدلون إلى الباطل).
وقوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾.
قال ابن عباس: (لم يأمروهم أن يسجدوا لهم، ولكن أمروهم بمعصية الله، فأطاعوهم، فسمّاهم الله بذلك أربابًا).
وقال حذيفة: (أما إنهم لم يكونوا يصومون لهم ولا يصلون لهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلُّوه، وإذا حرَّموا عليهم شيئًا أحله الله لهم حرَّموه، فتلك كانت ربوبيّتهم).