بالمِيشَار فيوضَعُ على رأسه فَيُشَقُّ باثنتين وما يَصُدُّهُ ذلك عن دِينه، ويُمْشَطُ بأمْشَاط الحديد ما دونَ لحمه من عَظْمٍ، أو عَصَبٍ، وما يَصُدّهُ ذلك عن دينه، والله لَيُتِمَّنَّ هذا الأمْرَ حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون] (١).
ويشهد لهذا الحديث ما في مسند أحمد من حديث عدي بن حاتم يقول: [دخلت على رسول الله - ﷺ - فقال: يا عدي، أسلم تسلم. فقلت: إني من أهل دين. قال: أنا أعلم بدينك منك. فقلت: أنت أعلم بديني مني؟ ! قال: نعم، ألست من الرَّكوسية (٢)، وأنت تأكل مرباع قومك؟. قلت: بلى. قال: فإن هذا لا يحل لك في دينك. قال: فلم يَعْدُ أن قالها فتواضعت لها، قال: أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإِسلام تقول: إنما اتبعه ضَعَفَةُ الناس ومن لا قوة له، وقد رمتهم العرب. أتعرف الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد سمعت بها. قال: فوالذي نفسي بيده ليتمَّنَّ الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة، حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولَتُفتَحَنَّ كنوزُ كسرى بن هرمز. قلت: كسرى بن هُرْمُزَ؟ ! قال: نعم، كسرى بن هُرْمُزَ، ولَيُبْذلَنَّ المال حتى لا يقبله أحد. قال عَدِيّ بن حاتم: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة، فتطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة، لأن رسول الله - ﷺ - قد قالها] (٣).
الحديث الرابع: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سَمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [لا يذهب الليل والنهار، حتى تُعْبَدَ اللاتُ والعزَّى. فقلت: يا رسول الله، إن كنتُ لأظنُّ حين أنزل الله عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ أن ذلك تام، قال: إنه سيكون من ذلك ما شاء الله عز وجل، ثم يبعثُ الله ريحًا طيِّبة فيتوفّى كلُّ من كان في قلبه مثقال حبة خردلٍ من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم] (٤).
(٢) الركوسية: دين بين دين النصارى والصابئين. والمرباع: ربع الغنيمة.
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ٣٧٨)، والبيهقي في "الدلائل" (٥/ ٣٤٢)، ورجاله ثقات وله طرق كثيرة عن عدي، وأخرج الحاكم نحوه (٤/ ٥١٨). وانظر كتابي: السيرة النبوية (٣/ ١٤٧٠ - ١٤٧١).
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه - حديث رقم - (٢٩٠٧) من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وأخرجه أبو يعلى (٤٥٦٥)، وغيرهما.