فلا تعجبك - يا محمد - أموالهم وأولادهم، فهي عقوبة الله لهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وهذا جزاء الكافرين.
فقوله: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾. أي: الظفر أو الشهادة. وعليه أقوال المفسرين:
١ - قال ابن عباس: (يقول فتح أو شهادة. وقال مرة أخرى: يقول: القتل، فهي الشهادة والحياة والرزق، وإمّا يخزيكم بأيدينا). وقال مرة أخرى: (يقول: قتل فيه الحياة والرزق، وإما أن يغلب فيؤتيه الله أجرًا عظيمًا. وهو مثل قوله ﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٤]).
٢ - وقال مجاهد: (القتل في سبيل الله، والظهور على أعدائه).
٣ - وقال قتادة: (﴿إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾، إلا فتحًا أو قتلًا في سبيل الله).
وقوله: ﴿وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا﴾.
قال قتادة: (أي قتل).
وقال ابن جرير: (يقول: ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم الله بعقوبة من عنده عاجلة، تهلككم، ﴿أَوْ بِأَيْدِينَا﴾، فنقتلكم، ﴿فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾، يقول: فانتظروا إنا معكم منتظرون ما الله فاعل بنا، وما إليه صائر أمر كلِّ فريق منّا ومنكم).
وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾.
أي: لن ينفعكم الإنفاق على أي حال وأنتم في شك من دينكم، وإنكارٍ لِنُبوة نبيكم، وجهل بالله تعالى وثوابه وعقابه، فإنكم كنتم قومًا خارجين عن الإيمان واليقين بربكم ولقائه ومعاده.
وفي صحيح مسلم من حديث أنس قال، قال رسول الله - ﷺ -: [إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنة، يُعطي بها في الدنيا ويجزي بها في الآخرة، وأما الكافر فَيُطْعَمُ بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكنْ له حسنةٌ يُجزى بها] (١).
وفي رواية: [إن الكافر إذا عمل حسنة أُطْعِمَ بها طُعمَةً من الدنيا، وأما المؤمن فإن الله يَدَّخِرُ له حسناته في الآخرة ويُعْقِبُهُ رِزْقًا في الدنيا على طاعته].