لهم وأشد لعذابهم، عياذًا بالله من ذلك، وهذا يكون من باب الاستدراج لهم فيما هم فيه).
وفي المسند للإمام أحمد، بسند صحيح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا رأيت الله تعالى يُعطي العبد من الدنيا ما يحب، وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراج] (١).
٥٦ - ٥٩. قوله تعالى: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧) وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (٥٩)﴾.
في هذه الآيات: فَضْحُ الله تعالى المنافقين لعباده المؤمنين، أنهم يحلفون بالله كذبًا أنهم معكم في الدين والإيمان، وإنما هم يتسترون بذلك خوف القتل والخذلان.
إنهم لو يجدون محرزًا لفروا إليه منكم مسرعين.
ومنهم - يا محمد - من يعيب عليك في قَسْمك الصدقات فإن حظوا منها بحظ وافر أظهروا الرضى، وإن لم يحظوا بما يرضيهم أظهروا السخط والغضب.
ولو رضي هؤلاء المنافقون قسمة الله ورسوله لهم واستعانوا بالله على مزيد من الرضا والعطاء لكان خيرًا لهم ولكنهم قوم مذبذبون منافقون مخذولون.
فقوله تعالى: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ﴾.
أي: يحلف هؤلاء المنافقون كذبًا خوفًا منكم بأنهم منكم في الدين والملة وليسوا كذلك، بل إنهم قوم يبطنون التكذيب والنفاق، إنما حملهم على الحلف الخوف من القتل.