قال ابن كثير: (لما ذكر تعالى اعتراض المنافقين الجهلة على النبي - ﷺ - ولمزهم إياه في قسم الصدقات بيَّن تعالى أنه هو الذي قسمها وبين حكمها وتولَّى أمرها بنفسه، ولم يكل قسمها إلى أحد غيره فجزأها لهؤلاء المذكورين).
هل يجب استيعاب هذه الأصناف؟
قال ابن كثير: (وقد اختلف العلماء في هذه الأصناف الثمانية، هل يجب استيعاب الدفع إليها أو إلى من أمكن منها؟ على قولين:
أحدهما: أنه يجب ذلك، وهو قول الشافعي وجماعة.
والثاني: أنه لا يجب استيعابها، بل يجوز الدفع إلى واحد منها ويعطى جميع الصدقة مع وجود الباقين، وهو قول مالك وجماعة من السلف والخلف، منهم عمر وحذيفة وابن عباس وأبو العالية وسعيد بن جبير وميمون بن مهران).
قال ابن جرير: (وهو قول عامة أهل العلم، وعلى هذا فإنما ذكرت الأصناف ها هنا لبيان المصرف لا لوجوب استيعاب الإعطاء).
فإلى تفصيل مصارف الزكاة كما بيّنَها الله تبارك وتعالى:
١ - قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾.
الفقير: هو المحتاج الذي لا يجد ما يكفيه.
أخرج ابن ماجه بسند حسن عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لا تَحِلُّ الصدقة لغني، ولا لذي مِرَّة سَوِيّ] (١). المِرّة: القوة والشدة، والمقصود صحيح البدن يحتمل التعب، و"سوي" أي سليم الأعضاء.
وفي صحيح سنن أبي داود عن عُبيد الله بن عدي: [أن رجلين أخبراه أنهما أتيا النبي - ﷺ - يسألانه من الصدقة، فَقَلّب فيهما بصره، فرآهما جَلْدَين، فقال: إن شئتما أعطيتكما، ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب] (٢).

(١) حديث حسن. أخرجه أحمد (٢/ ١٦٤، ١٩٢)، وابن ماجه (١٨٣٩)، وأبو داود (١٦٣٤)، والترمذي (٦٥٢) وقال: حديث حسن. وأخرجه الحاكم (١/ ٤٠٧)، والدارمي (١/ ٣٨٦)، وغيرهم.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن - حديث رقم - (١٦٣٣) - كتاب الزكاة -. وانظر صحيح سنن أبي داود (١٤٣٨). وأخرجه النسائي (٥/ ٩٩ - ١٠٠)، والشافعي (١/ ٢٤٢)، والدارقطني (٣/ ١١٩)، ورواه أحمد في المسند (٤/ ٢٢٤).


الصفحة التالية
Icon