كَانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (٧٨)}.
في هذه الآيات: فَضْحُ الله طائفة من المنافقين كانوا عاهدوا الله على البذل إن أغناهم وأن يكونوا من الصالحين.
فلما آتاهم سبحانه من فضله نكلوا وخانوا العهد ومضوا وهم معرضون.
فعاقبهم الله تعالى بختم قلوبهم بالنفاق إلى يوم يلقونه ليكونوا من الخاسرين.
ألم يعلموا أن سرائرهم وعلانيتهم مكشوفة لِعَلّام الغيوب رب العالمين!.
فقوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.
إخبار من الله تعالى عن طائفة من المنافقين كانوا قد أعطوا الله عهدهم وميثاقهم لئن أغناهم الله ليبذلن المال في الصدقات والقربات. ﴿وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، قال النسفي: (بإخراج الصدقة).
وقال القاسمي: (أي بإعطاء كل ذي حق حقه).
قلت: والصلاح يشمل أكثر من ذلك، فينسحب إلى كل أعمال البر والتقوى.
وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾.
أي: فلما أغناهم الله من فضله كذبوا العهد وخانوا ميثاقهم وأظهروا الشح والبخل ﴿وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾، أي: مصرون على الإعراض والإنكار.
وقوله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾.
أي: فأعقبهم الله ببخلهم وشحهم وصنيعهم هذا في الخيانة ونقض العهد إطفاءً لنور قلوبهم، ونفاقًا سكن في أعماقها إلى يوم يلقونه عز وجل.
قال ابن جرير: (﴿بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ﴾، من الصدقة والنفقة في سبيله، ﴿وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾، في قيلهم، وحَرَمهم التوبة منه، لأنه جل ثناؤه اشترط في نفاقهم أنه أعقبهموه إلى يوم يلقونه، وذلك يوم مماتهم وخروجهم من الدنيا).
وقد حفلت السنة الصحيحة بذكر صفات المنافقين في أحاديث، منها:


الصفحة التالية
Icon