وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٨٥)}.
في هذه الآيات: ذمٌ من الله تعالى للمنافقين في تخلفهم عن ركب النبي - ﷺ - وصحابته ومسيرهم إلى تبوك، وفرحهم بمقعدهم في الظلال والثمار بعد خروجه، وخبره عنهم باعتذارهم عن الخروج بسبب شدة الحر، فقال الله تعالى لنبيه - ﷺ -: قل لهم - يا محمد - نار جهنم أشد حرًا لو كانوا يفقهون ويعقلون.
فليضحكوا في هذه الدنيا قليلًا فإنهم سيبكون في الآخرة كثيرًا مقابل ما كانوا يكسبون.
فإن ردّك الله - يا محمد - من غزوتك هذه واستأذنك هؤلاء المنافقون مرة أخرى للخروج معك فلا تقبل منهم، فإنهم قد رضوا التخلف عنك أول مرة فليقعدوا مع المتخلفين.
وحذار أن تصلي على ميت منهم أو تقوم على قبره، فإنهم عاشوا على الكفر والمكر والنفاق وماتوا فاسقين.
ولا تبهرك أموالهم وأولادهم، فهي عذاب الله عليهم في الدنيا بما فتنتهم عن إقامة الدين، وحسرة عليهم في الآخرة توردهم الجحيم.
فعن ابن عباس: (قوله: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿يَفْقَهُونَ﴾، وذلك أن رسول الله - ﷺ - أمر الناس أن ينبعثوا معه، وذلك في الصيف، فقال رجال: يا رسول الله، الحرُّ الشديد، ولا نستطيع الخروجَ، فلا تنفر في الحرّ! فقال الله: ﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾، فأمره الله بالخروج).
وعن قتادة: (في قوله: ﴿بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾، قال: هي غزوة تبوك).
وعن ابن إسحاق قال: (ثم ذكر قول بعضهم لبعض، حين أمر رسول الله - ﷺ - بالجهاد، وأجمع السير إلى تبوك، علي شدة الحرّ وجدب البلاد. يقول الله جل ثناؤه: ﴿وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا﴾).
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله - ﷺ - قال: [ناركم جزء من سبعين جُزءًا من نار جهنم. قيل يا رسول الله! إن كانت لكافية. قال:


الصفحة التالية
Icon