نكن ممن يقعد في منزله مع ضعفاء الناس ومرضاهم، ومن لا يقدر على الخروج معك في السفر).
وفي التنزيل: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (٢٠) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ [محمد: ٢٠، ٢١].
وقوله: ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾.
قال ابن كثير: (رضوا لأنفسهم بالعار والقعود في البلد مع النساء، وهن الخوالف (١)، بعد خروج الجيش، فإذا وقع الحرب كانوا أجبن الناس، وإذا كان أمن كانوا أكثر الناس كلامًا، كما قال تعالى عنهم في الآية الأخرى: ﴿فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ [الأحزاب: ١٩]، أي: علت ألسنتهم بالكلام الحاد القوي في الأمن، وفي الحرب أجبنُ شيء).
وقوله: ﴿وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾.
قال النسفي: (ختم عليها لاختيارهم الكفر والنفاق ﴿فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾ ما في الجهاد من الفوز والسعادة، وما في التخلف من الهلاك والشقاوة).
٨٨ - ٨٩. قوله تعالى: ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨٨) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٨٩)﴾.
في هذه الآيات: ثناء من الله تعالى على رسوله - ﷺ - وعلى المؤمنين الذين ناصروه وأيدوه وجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم - وهو في موضع ذم، بالإشارة، إلى المنافقين، أو ثناء للمؤمنين بعد ذمٍّ للمنافقين - ثم بيان من الله تعالى لحسن عاقبة المؤمنين والمجاهدين - فإنهم أهل الفلاح والفوز العظيم.
لقد أعد الله لهم جنات تجري الأنهار تحت أشجارها وعبر بساتينها مع الطمأنينة لهم بالخلود وذلك الفوز العظيم.