الضعف والعلة ومن شَقَّ عليه الوصول إلى مسجد النبي - ﷺ - والله يشهد أنهم بحلفهم هذا يكذبون، وما أرادوا الحق ولا نصرة هذا الدين.
وقوله: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾ - نهي من الله تعالى نبيّه - ﷺ - عن القيام أو الصلاة في مسجد الضرار الذي بناه المنافقون ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله.
وقوله: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾.
قَسَمٌ من الله تعالى أن مسجد قباء الذي أسس على التقوى من أول يوم ابتدئ في بنائه هو أولى أن تقوم فيه - يا محمد - مُصَليًا.
لقد نزل رسول الله - ﷺ - أول ما نزل المدينة في قباء، في بني عمرو بن عوف، على كلثوم بن الهدم، أربع عشرة ليلة، وأسَّس فيها مسجد قباء، وهو أول مسجد أسس بعد النبوة وفي الإسلام.
قال ابن إسحاق: (فأقام رسول الله - ﷺ - بقُباء في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجده).
وقد ذُكر أن رسول الله - ﷺ - كان أول من وضع حجرًا في قبلة المسجد، ثم جاء أبو بكر بِحَجَر فوضعه إلى حجر رسول الله - ﷺ - ثم أخذ الناس في البنيان.
أخرج البخاري في صحيحه عن عروة قال: [فلبث رسول الله - ﷺ - في بني عمرو بن عوف بِضْعَ عشْرَةَ ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله - ﷺ -، ثم ركب راحلته، فسارَ يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله - ﷺ - بالمدينة، وهو يُصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مِرْبَدًا للتمر، لسُهَيْل وسَهْل غلامين يتيمين في حَجْر أسعد بن زرارة، فقال رسول الله - ﷺ - حين بركت به راحلته: هذا إن شاء الله المنزِلُ. ثم دعا رسول الله - ﷺ الغلامين فساوَمَهُما بالمِربَد ليتخذه مسجدًا، فقالا: لا، بل نَهَبَهُ لك يا رسول الله، فأبى رسول الله - ﷺ - أن يقبلَهُ منهما هبةً حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدًا وطفق رسول الله - ﷺ - ينقل معهم اللَّبِنَ في بنيانه ويقول، وهو ينقل اللَّبِن: هذا الحمال لا حمال (١) خيبر، هذا أبَرُّ ربَّنا وأطْهَر. ويقول: اللهم إن الأجر أجرُ الآخرة، فارحم الأنصار والمهاجرة] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه - حديث رقم (٣٩٠٦) - كتاب مناقب الأنصار -.