قاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ورواه ابن أبي حاتم.
قلت: والراجح القول الثالث، لورود الخبر الصحيح في ذلك عن رسول الله - ﷺ -.
فقد أخرج أبو داود بسند حسن عن أبي أمامة: أن رجلًا قال: يا رسول الله، ائذن لي في السياحة، قال النبي - ﷺ -: [إنَّ سِيَاحةَ أمتي الجهادُ في سبيل الله تعالى] (١).
وأما قوله: ﴿الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ﴾، يعني المصلين، أهل الركوع والسجود بالمحافظة على صلواتهم.
قال الحسن: (﴿الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ﴾، قال: الصلاة المفروضة).
وأما قوله: ﴿الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾، صفة لازمة لأتباع هذا النبي الكريم، عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم.
قال الحسن: (﴿الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾: أما إنهم لم يأمروا الناس حتى كانوا من أهلها، ﴿وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ قال: أمَا إنهم لم ينهوا عن المنكر حتى انتهوا عنه).
أخرج ابن ماجه في السنن بسند حسن عن عائشة قالت: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [مُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تَدْعُوا فلا يُسْتَجاب لكم] (٢).
وأخرج الترمذي وابن ماجه والحاكم بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - ﷺ - قام خطيبًا. فكان فيما قال: [ألا، لا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا، هَيْبَةُ الناس، أن يقولَ بِحَقٍّ، إذا عَلِمَه]. قال: فبكى أبو سعيد، وقال: قد والله! رأينا أشياء، فهبنا.
وفي لفظ: [لا يمنعن رجلًا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه أو شهده أو سمعه] (٣).
وأما قوله: ﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾، قال ابن عباس: (يعني القائمين على طاعة

(١) حديث حسن. أخرجه أبو داود (٢٤٨٦) - كتاب الجهاد - باب النهي عن السياحة، وانظر صحيح سنن أبي داود - حديث رقم (٢١٧٢)، وأخرجه الحاكم (٢/ ٧٣)، والديلمي (٧٧٧).
(٢) حديث حسن. أخرجه ابن ماجه في السنن (٤٠٠٤) - كتاب الفتن - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وانظر صحيح سنن ابن ماجه - حديث رقم - (٣٢٣٥).
(٣) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٢/ ٣٠)، وابن ماجه (٤٠٠٧)، والحاكم (٤/ ٥٠٦)، وأحمد (٣/ ١٩، ٥٠، ٦١)، وأبو يعلى (ق ٧٢/ ١)، وانظر: "الصحيحة" (١٦٨).


الصفحة التالية
Icon