بتلك المحامد وأخِرُّ له ساجدًا فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع. فأقول يا رب أمتي أمتي..] الحديث (١).
ويروي الطبراني بإسناد حسن عن أبي أمامة، عن النبي - ﷺ - قال: [صنفان من أمتي لن تنالَهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم، وكل غال مارق] (٢).
وقوله: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾.
أي: هذه بعض صفات ربكم العظيم في الخلق والتصريف والتدبير، فأفردوه بالعبادة والتعظيم، فإنه لا تصلح العبادة والإنابة والرجاء والدعاء إلا له، أفلا تتعظون وتعتبرون.
وقوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾.
أي: إن مآلكم ومعادكم - أيها الناس - في نهاية المطاف إليه سبحانه، فهو الذي بدأ إنشاء الخلق وإحداثه، ثم هو يعيده بعد فنائه وبلائه، ليقوم الجميع بين يدي رب العالمين، فيقابل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، فالمؤمنون في غبطة وسرور، والكافرون في جحيم وسعير، فتبارك الله العلي العظيم.
وعن مجاهد: (﴿يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ قال: يحييه ثم يميته، ثم يحييه).
أو قال: (يحييه، ثم يميته، ثم يبدؤه، ثم يحييه). وقوله: ﴿بِالْقِسْطِ﴾ - قال مجاهد: (بالعدل). وقال ابن جرير: (﴿بِالْقِسْطِ﴾، يقول: ليجزيهم على الحسن من أعمالهم التي عملوها في الدنيا الحسنَ من الثواب، والصالحَ من الجزاء في الآخرة وذلك هو "القسط"، و"القسط" العدلُ والإنصاف).
وأما الشراب الحميم فهو الشراب الذي أُغلي واشتد حرّه، فهو كالمهل يشوي الوجوه. وأصله في لغة العرب محموم، فهو مفعول صرف إلى فعيل، والمحموم: المُسَخَّن. قال الرازي: (الحميم: الماء الحار) - وكل مسخن عند العرب فهو حميم.
(٢) حديث حسن. أخرجه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات. انظر "مجمع الزوائد" (٥/ ٢٣٥)، ومعجم الطبراني الأوسط (١/ ١٩٧/ ٢) نحوه. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤٧١).