رسول الله - ﷺ -: [عجبًا للمؤمن لا يقضي الله له شيئًا إلا كان خيرًا له] (١).
وفي لفظ: [عجبتُ للمؤمن، إن الله تعالى لم يقض له قضاءً إلا كان خيرًا له].
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾.
إخبار من الله تعالى عن مصير الأمم المكذبة رسلها فيما مضى، فقد نزل بهم العذاب والهلاك عند طغيانهم بعدما جاءتهم حجج الحق والوحي البالغة والمعجزات، وقد أصرّوا على الكفر والظلم حتى لو بقوا، ومن ثمَّ فإن طغاة مكة - يا محمد - داخلون في مصير من قبلهم من أولئك القوم المجرمين إن أصروا على الكفر والتكذيب بالقرآن والنبوة.
قال النسفي: (﴿وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾ إن بقوا ولم يهلكوا، لأن الله علم منهم أنهم يصرون على كفرهم، وهو عطف على ﴿ظَلَمُوا﴾ أو اعتراض، واللام لتأكيد النفي، يعني أنّ السبب في إهلاكهم تكذيبهم للرسل، وعلم الله أنه لا فائدة في إمهالهم بعد أن ألزموا الحجة ببعثة الرسل ﴿كَذَلِكَ﴾ مثل ذلك الجزاء يعني الإهلاك ﴿نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ وهو وعيد لأهل مكة على إجرامهم بتكذيب رسول الله - ﷺ -).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾.
الخلائف: جمع خليفة، أي جعلناكم - أيها الناس - سكانًا في الأرض تخلفون أولئك القوم - وتلك القرون السالفة - الذين أهلكناهم، لينظر ربكم في أعمالكم هل تخالفون منهج أولئك الهالكين أم تستقيمون على طاعته وتعظيم شرعه ووحيه.
قال القرطبي: (﴿لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ أي ليقع منكم ما تستحقون به الثواب والعقاب، ولم يزل يعلمه غيبًا. وقيل: يعاملكم معاملة المختبر إظهارًا للعدل. وقيل: النظر راجع إلى الرسل، أي لينظر رسلنا، وأولياؤنا كيف أعمالكم).
قلت: والراجح هو نظر الرب سبحانه في أعمال عباده وأحوالهم التي اختبرهم بها، وهو أعلم بها، وإنما هو يحصيها عليهم ليوافيهم بها، كما قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [الجاثية: ١٥].