وفي رواية: ثم تلا: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤].
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى، عن النبي - ﷺ - قال: [إن الله تعالى ليُملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته. وفي لفظ: ثم قرأ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾] (١).
قال قتادة: (بغتَ القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قومًا قط إلا عند سَلْوتهم ونعمتهم وغِرَّتهم. فلا تغتروا بالله).
الحديث الثالث: أخرج الطبراني ورجاله ثقات عن ابن عباس: [أن رسول الله - ﷺ - سئل عن الكبائر؟ فقال: الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله] (٢).
قال أبو سليمان الداراني: (ينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء الخوف فَسَد القلب).
الحديث الرابع: أخرج الشيخان من حديث زيد بن خالد الجهني أنه قال: [صلّى لنا النبي - ﷺ - صلاة الصبح بالحديبية على إثْر سَماءَ كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "أصبحَ من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ، فأمّا مَنْ قال: مُطِرنا بفضلِ الله ورَحْمتهِ فذلك مؤمن بي كافرٌ بالكوكب، وأمّا مَنْ قال: بِنَوْءِ كذا وكذا، فذلك كافِرٌ بي ومؤمنٌ بالكوكب"] (٣).
وقوله: ﴿إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾. قال القرطبي: (يعني بالرسل الحَفظة).
وقال النسفي: (إعلام بأن ما تظنونه خافيًا لا يخفى على الله وهو منتقم منكم).
وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾. أي: يُسَيِّرُكُم في البر على الظَّهر، وفي البحر في الفلك، يحفظكم ويكلؤكم بحراسته.
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا﴾. أي: حتى إذا ركبتم في السفن وجرت في البحر بريح طيبة فرح لها ركبان الفلك واطمأن الناس في رحلتهم،

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي موسى. انظر مختصر صحيح مسلم (١٨٣١)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٤٩٢) لتفصيل البحث.
(٢) إسناده صحيح. انظر تحقيق فتح المجيد (٤٢٢) (٤٢٤)، والمرجع السابق.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه - حديث رقم - (٨٤٦) - كتاب الأذان -، وأخرجه مسلم في الصحيح (٧١)، وأبو داود في السنن (٣٩٠٦).


الصفحة التالية
Icon