القمرَ القمرَ، وَيتَّبِعُ مَنْ يَعْبُدُ الطواغيتَ الطواغيتَ..] الحديث (١).
وقوله: ﴿وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾.
أي: رجعت الأمور إلى آمرها العزيز الحكيم، وصارت الأحوال في نهاية المطاف إلى الحكم العدل العلي العظيم، بعدما دخلت في حالة التخيير والابتلاء، فحصل ما حصل من كذب وافتراء، وظلم وبغي واستهزاء، فأدخل سبحانه أهل الجنة الجنة كرمًا منه وفضلًا، وأدخل أهل النار النار حكمة منه وعدلًا، ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ - أي: ذهب عنهم ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء وكذبًا على الله، وحاق بهم ما كانوا يعملون.
٣١ - ٣٣. قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣)﴾.
في هذه الآيات: يقول تعالى لنبيه - ﷺ -: قل - يا محمد - لهؤلاء المشركين: من الذي يرزقكم ويملك حماية أسماعكم وأبصاركم ويخرج الحي من الميت والميت من الحي وَيُصرِّف أمور هذا الكون؟ ! سيجيبوك: إنه الله. فقل لهم أفلا تتقون؟ ! ذلكم الله ربكم الحق وماذا يكون بمخالفة الحق إلا الوقوع في الباطل والضلال فأنى تصرفون! إنه كذلك لزمت كلمة ربك الفاسقين أنهم يعاندون ولا يؤمنون، عقاب الله لهم مقابل استكبارهم وإصرارهم على ما يعملون ويفسدون.
فقوله: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾. أي: الغيث والقطر من السماء، والشجر والنبت من الأرض. قال ابن جرير: (﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ﴾ - يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد - ﷺ -: قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين بالله الأوثان والأصنام، ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ﴾، الغيث والقطر، ويطلع لكم شمسها، ويُغْطِشُ ليلها، ويخرج ضُحاها، ومن الأرض، أقواتكم وغذاءكم الذي ينبته لكم، وثمار أشجارها).

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١٨٢) - كتاب الإيمان - باب معرفة طريق الرؤية.


الصفحة التالية
Icon