الناس، وقرأ هذه الآية: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾] (١).
الحديث الثاني: أخرج أبو نعيم والطبراني ورجاله ثقات عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا: [أولياء الله تعالى الذين إذا رؤوا ذكر الله تعالى] (٢).
وفي لفظ: (أولياء الله الذين إذا رؤوا ذُكِرَ الله).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يأتي من أفناءِ الناسِ ونوازع القبائل قومٌ لم تتصل بينهم أرحامٌ متقاربة، تحابُّوا في الله، وتَصَافُّوا في الله، يَصنَعُ اللهُ لهم يوم القيامة منابرَ من نور، فَيُجلِسُهم عليها، يفزع الناس ولا يفزعون، وهم أولياء الله، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون] (٣).
وقوله: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ - فيه أقوال متكاملة:
١ - قال الحسن: (هي ما يبشرهم الله تعالى في كتابه من جنته وكريم ثوابه).
٢ - وقال قتادة: (هي البشارة التي تبشّر بها الملائكة المؤمنَ في الدنيا عند الموت).
٣ - وقيل: إذا خرجت الروح بُشِّرت بِرِضْوانِ الله. وقوله: ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾ بالجنة إذا خرجوا من قبورهم.
٤ - وقيل: بل البشرى هي الثناء الحسن والذكر العطر بين الناس.
٥ - وقيل: بل البشرى هي الرؤيا الصالحَة يراها المسلم أو تُرى له.
قلت: وكل ما سبق داخل في مفهوم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذه المعاني العطرة في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: [إذا اقْتَرَبَ الزمانُ لم تَكَدْ رؤيا المسلم تَكْذِبُ، وأصْدَقكُم رؤيا أصدقكم حديثًا، ورؤيا المسلم جزءٌ من خمسةٍ وأربعين جزءًا من النبوة، والرؤيا ثلاث: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورُؤيا تحزينٌ من الشيطان، ورؤيا مما يُحَدّثُ المرءُ نفسَهُ، فإن رأى
(٢) صحيح لشواهده. أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (١/ ٢٣١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢٣٢٥)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (١٧٣٣).
(٣) حديث حسن. أخرجه أحمد (٥/ ٣٤٣)، والطبري (١٧٧٣٠)، وله شواهد.