يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٦٦) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧)}.
في هذه الآيات: تسلية الله تعالى نبيّه - ﷺ - عما يلقاه من أذى قومه: لا يحزنك - يا محمد - قول هؤلاء المشركين، فالعزة لله وهو السميع العليم. له ما في السماوات وما في الأرض، والمشركون تائهون في شركهم مغرورون كاذبون. إن الله تعالى هو الذي يقلب الليل والنهار، فجعل الليل سكنًا مظلمًا تسكنون فيه، والنهار مبصرًا مضيئًا تعملون فيه، إن في ذلك لآيات كبيرة لقوم يسمعون فيتعظون، ويعلمون حق الله عليهم في وجوب إفراده تعالى بالعبادة والتعظيم.
فقوله: ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾. أي: لا يحزنك - يا محمد - قول هؤلاء المشركين في ربهم وإشراكهم في عبادته الأوثان والطواغيت، فإن العزة لله جميعًا. كما قال ابن جرير: (فإن الله هو المنفرد بعزة الدنيا والآخرة، لا شريك له فيها، وهو المنتقم من هؤلاء المشركين القائلين فيه من القول الباطل ما يقولون، فلا ينصرهم عند انتقامه منهم أحد، لأنه لا يُعَازُّه شيء).
وقوله: ﴿هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. أي: السميع لأقوال عباده العليم بأعمالهم وأحوالهم.
وقوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾.
إِخْبارٌ بأن الملك كله في هذا الكون لله، وإليه يرجع الأمر كله، فهو المثيب والمعاقب، وإنما يعظم المشركون ما لا يملك لهم ضرًا ولا نفعًا، ويمضون بذلك التيه والضلال وراء أوهامهم وتخرّصهم وكذبهم وإفكهم.
وقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾.
قال النسفي: (أي جعل لكم الليل مظلمًا لتستريحوا فيه من تعب التردد في النهار ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾ مضيئًا لتبصروا فيه مطالب أرزاقكم ومكاسبكم). وقال ابن كثير: