وقوله: ﴿فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ﴾. أي: إن عزمتم على طردي أو قتلي أو التخلص مني فإني لا أبالي بما تبيتون من مكر، فعلى الله اتكالي، وبه ثقتي، وهو سندي ومعيني.
وقوله: ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ﴾. قال الأعرج: (يقول: أحكموا أمركم، وادعوا شركاءكم). وقد نصب ﴿شُرَكَاءَكُمْ﴾ بالتقدير السابق. أي: وادعوا شركاءكم.
وقوله: ﴿ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً﴾ الآية. قال قتادة: (لا يكبر عليكم أمركم). قال ابن كثير: (أي: ولا تجعلوا أمركم عليكم مُلتَبِسًا، بل افصِلُوا حالكم معي، فإن كنتم تزعمون أنكم مُحقُّونَ فاقضوا إلي ﴿وَلَا تُنْظِرُونِ﴾ أي: ولا تؤخروني ساعة واحدة، أي مهما قدرتم فافعلُوا، فإنى لا أبالي بكم ولا أخاف منكم، لأنكم لستم على شيء، كما قال هود لقومه: ﴿إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٤ - ٥٦]).
وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. قال القاسمي: (﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ أي عن الإيمان بما جئتكم به ﴿فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ﴾ أي جُعْلٍ على عظتكم، أي فلا باعث لكم على التولي والنفور ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ أي ما ثوابي على التذكير إلا عليه تعالى، يثيبني به، آمنتم أو توليتم، ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ أي المستسلمين له وحده بالإيمان به، ونبذ كل معبود دونه).
وقوله تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ﴾.
إِخْبَارٌ من الله تعالى عن تكذيب قوم نوح لنبيّهم، وما أعقب ذلك من هلاكهم بالغرق، ونجاة المؤمنين معه في السفينة واستخلافهم في الأرض، فانظر يا محمد كيف كانت نهاية القوم المنذَرين بالوحي وحجة الله البالغة، المقابلين ذلك الإنذار والبرهان والحجج بالتكذيب والمكر.
٧٤ - ٧٨. قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (٧٤) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ