من اتبعه وأمرهم بحسن التوكل على الله إن كانوا صادقين، فاستجابوا له وأعلنوا اعتمادهم على ربهم راجين أن لا يجعلهم فتنة للقوم الظالمين، وأن ينجيهم - تعالى - برحمته من القوم الكافرين.
فقوله: ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ﴾. أي: فلم يؤمن لموسى ويتابعه على الحق إلا قلة من قومه خائفين من بطش فرعون وملئه. قال قتادة: (كان ابن عباس يقول: "الذرية"، القليل).
وقوله: ﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾. أي: وإن فرعون كان جبارًا عنيدًا مسرفًا في الظلم والعتو والتمرد، يخشى الناس في زمانه من شدة سطوته وطغيانه، وقد بلغ به الإسراف أن ادعى الربوبية وهو عبد حقير يحتاج للطعام والشراب والنوم والتغوط وما يجري على المخلوق.
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾.
إخبار من الله سبحانه عن قيل موسى لقومه: يا قوم إن كنتم صدقتم ربكم الإيمان وأفردتموه بالتعظيم والخضوع فثقوا به، وأسلموا لأمره، واستسلموا لقضائه وقدره فإنه تعالى لن يضيع أولياءه.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ [الزمر: ٣٦].
٣ - وقال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ [الملك: ٢٩].
٤ - وقال تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾ [المزمل: ٩].
قال ابن القيم: (وحقيقة الأمر أن التوكل حال مركبة من مجموعة أمور لا تتم حقيقة التوكل إلا بها، فأول ذلك معرفة بالله وصفاته: من قدرته وكفايته وقيوميته وانتهاء الأمور إلى علمه وصدورها عن مشيئته وقدرته).
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها ابراهيم - ﷺ - حين أُلقِيَ في النار، وقالها محمد - ﷺ - حين قالوا: إن الناس


الصفحة التالية
Icon