واجب، فالمهتدي من سلك فيها سبيل التسليم، والخائض فيها زائغ، والمنكر معطل، والمكيّف مشبه، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ سبحان ربنا رب العزة عما يصفون).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: [اختصمت الجنة والنار، فقالت الجنة: ما لي لا يدخُلني إلا ضَعَفَةُ الناس وسَقَطُهم، وقالت النار: أوثِرتُ بالمتكبرين والمتجبِّرين. فقال الله - عزَّ وجل - للجنة: أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء. وقال للنار: أنت عذابي، أنتقم بك ممن أشاء، ولكل واحدة منكما مِلْؤُها] (١).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد في المسند عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: [لما خلق الله الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال: أيْ ربِّ! وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفَّها بالمكاره، ثم قال: يا جبريل! اذهب فانظر إليها، فذهب، ثم نظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب! وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، فلما خلق الله النار، قال: يا جبريل! اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فحفّها بالشهوات، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب، فنظر إليها فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها] (٢).
وقوله: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾.
أي: إن هذه الأخبار عن أمم الأقدمين وتكذيبهم رسلهم وكيف دارت الأيام وكانت العاقبة والغلبة للمؤمنين هي مما يقص الله عليك - يا محمد - ليثبت به فؤادك عما تلقى من تكذيب قومك وعنادهم.
وقوله: ﴿وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ﴾. قال ابن عباس: (في هذه السورة). وقال قتادة: (في هذه الدنيا).
وقول ابن عباس أصح وأنسب للسياق. قال ابن كثير: (والصحيح: في هذه السورة
(٢) حديث صحيح. رواه أحمد بسند صحيح من حديث أبي هريرة. انظر تخريج مشكاة المصابيح (٥٦٩٦)، وصحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (٥٠٨٦).