لي يهودي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة، ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغيَّر وجه رسول الله - ﷺ -، قال عبد الله بن ثابت: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله - ﷺ -؟ فقال عمر: رضينا بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا. قال: فَسُرِّيَ عن النبي - ﷺ - وقال: والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام، ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين] (١).
الحديث الثالث: أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي شريح الخزاعي قال: [خرج علينا رسول الله - ﷺ - فقال: أبشروا أبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قالوا: نعم. قال: فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدًا] (٢).
٤ - ٦. قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤) قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)﴾.
في هذه الآيات: ابتِدَاءُ قصة يوسف عليه الصلاة والسلام برؤيا رآها فقصها على أبيه، فيها بشائر العِزِّ له والقوة والتمكين، فحذَّره والده يعقوب - عليه السلام - مِنْ قَصِّها على إخوته لئلا يكيدوا له، فإن الشيطان للإنسان عدو مبين. إنّ ربك يصطفيك - يا يوسف - ويعلمك تأويل الأحاديث والأحلام ويختصك بالنبوة، كما اختص آباءك إبراهيم وإسحاق، إنه تعالى عليم حكيم.

(١) حسن لطرقه. أخرجه أحمد (٤/ ٢٦٦)، والطبراني كما في "المجمع" (١/ ١٧٣ - ١٧٤) ح (٨٠٦). وورد من حديث جابر أخرجه البزار (١٢٤)، وأخرجه البيهقي في "الشعب" (٥٢٠٢)، و (٥٢٠٣)، وأخرجه أبو يعلى وغيرهم من طرق يقوي بعضها بعضًا.
(٢) حديث صحيح. رواه ابن أبي شيبة (١٢/ ١٦٥)، وأخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (٧٤) من طريق أخرى عن أبي خالد الأحمر به. قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢/ ٣٣٨): قلت: (وهذا سند صحيح على شرط مسلم)، وأورده فيها برقم (٧١٣).


الصفحة التالية
Icon