إليهم. وَإِرْسَالُ الأب ابنه معهم بعد أخذه التوثيق منهم على حفظه والله هو الحفيظ العليم.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: فلما رجع إخوة يوسف إلى أبيهم، ﴿قَالُوا يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ﴾، يقول: منع منا الكيل، فوق الكيل الذي كِيلَ لنا، ولم يكل لكل رجل منّا إلا كيل بعير، ﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا﴾، بنيامين يَكتَل لنفسه كيلَ بعير آخر زيادة على كيلِ أباعرِنا، ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، من أن يناله مكروه في سفره).
وقرأ عامة قراء المدينة: ﴿نَكْتَلْ﴾، وكذلك بعض أهل مكة والكوفة، في حين قرأها بعض قراء الكوفة: ﴿يَكْتَل﴾ - بمعنى: يكتل هو لنفسه، كما نكتال لأنفسنا. وكلاهما قراءتان معروفتان.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.
قال النسفي: (يعني أنكم قلتم في يوسف: ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ كما تقولونه في أخيه، ثم خنتم بضمانكم، فما يأمنني من مثل ذلك. ثم قال: ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ - فتوكل على الله فيه ودفعه إليهم - ﴿وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ فأرجو أن ينعم عليّ بحفظه ولا يجمع عليَّ مصيبتين).
وقوله: ﴿وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا﴾.
قال قتادة: (يقول: ما نبغي وراء هذا، إن بضاعتنا ردت إلينا، وقد أوفى لنا الكيل).
وقوله: ﴿وَنَمِيرُ أَهْلَنَا﴾ - أي: ونطلب لأهلنا طعامًا فنشتريه لهم. ﴿وَنَحْفَظُ أَخَانَا﴾، الذي ترسله معنا، ﴿وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ - وذلك أن يوسف عليه الصلاة والسلام كان يعطي كلَّ رجل حمل بعير. قال ابن جريج: (كان لكل رجل منهم حمل بعير. وقال مجاهد: حمل حمار (١)).

(١) وهي لغة. قال القاسم: يعني مجاهد أن "الحمار" يقال له في بعض اللغات "بعير".


الصفحة التالية
Icon