البكاء، فأمر يوسف - عليه السلام - إخوته بإلقاء قميصه على وجه أبيه ليرتد إليه بصره بإذن الله، كما أمرهم بإحضار جميع أهلهم إليه لتتم الآية ويحصل تأويل الرؤيا.
٩٤ - ٩٨. قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٩٦) قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (٩٧) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨)﴾.
في هذه الآيات: شُعورُ يعقوب عليه السلام بريح يوسف عند قدوم العير، واستِنكارُ الأولاد شعور أبيهم، وتصديقُ الشعور بإلقاء البشير القميص على وجه يعقوب وعودته بصيرًا، واعتِرافُ الأبناء أمام أبيهم راجين عفوه وصفحه عنهم، واستِغفارُ يعقوب ربه تعالى لأبنائه والله هو الغفور الرحيم.
فقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ﴾.
قال ابن عباس: (هاجت ريح فجاءت بريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال).
أي: لما خرجت عير بني يعقوب من عند يوسف متوجهة إلى يعقوب قال لهم أبوهم يعقوب عليه السلام: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾.
وعن مجاهد: (﴿لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ﴾. قال: تُسَفِّهون). وقال الحسن: (تُهَرِّمون). وقال الضحاك: (تكذبون): والتفنيد: الإفساد، فيدخل في مفهومه الضعف والهرم والكذب وذهاب العقل.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ﴾.
قال ابن عباس: (يقول: خطئك القديم). وعن قتادة: (أي: من حب يوسف، لا تنساه ولا تسلاه. قالوا لوالدهم كلمةً غليظة، لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم، ولا لنبي الله - ﷺ -). وعن ابن إسحاق قال: (﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ﴾، أي: إنك لمن ذكر يوسف في الباطل الذي أنت عليه).


الصفحة التالية
Icon