١ - قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ [الفرقان: ٢٠].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنبياء: ٨، ٩].
وقوله: ﴿نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾. - أي: نوحي إليهم آياتنا الدالة على إفراد الله بالدعاء والتعظيم، وهم من أهل الأمصار دون البوادي.
والقرى: جمع قرية، وهي لغة: المصر الجامع. لأن القرية كل مكان اتصلت به الأبنية، واتخذ قرارًا، والمراد هنا المدن دون البوادي، فأهل المدن أرق طباعًا وألطف من أهل البادية الذين يغلب عليهم الجفاء لتأثرهم بقسوة الريف والسواد.
وعن قتادة: (﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾، لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل العَمود (١)).
وفي التنزيل: ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ [التوبة: ٩٧].
أخرج الإمام أبو داود بسند صحيح عن ابن عباس، عن النبي - ﷺ - قال: [مَنْ سَكَنَ البادية جَفَا، ومن اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ، ومن أتى السلطان افتُتِنَ] (٢).
وقوله: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾.
قال ابن جريج: (﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا﴾، من أهلكنا؟ قال لقريش: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا في آثارهم، فيعتبروا ويتفكروا؟ ).
وقوله: ﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُون﴾.
قال القرطبي: (والمراد بهذه الدار الجنة، أي: هي خير للمتقين. وقُرِئ: ﴿وللدّار الآخِرة﴾. وقرأ نافع وعاصم ويعقوب وغيرهم ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ بالتاء على الخطاب. الباقون بالياء على الخبر).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٢٨٥٩) - كتاب الصيد - باب في اتباع الصيد، وانظر صحيح سنن أبي داود (٢٤٨٦)، ورواه أحمد وبعض أهل السنن، انظر صحيح الجامع (٦١٧٢).