وله شاهد من حديث ابن عباس، ذكره البخاري في كتاب التفسير من صحيحه، عن النبي - ﷺ - قال: [قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكنْ له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبُه إياي فَزَعَمَ أني لا أقدِرُ أن أُعيدَهُ كما كان، وأما شتمه إياي فقوله: لي ولدٌ، فسبحاني أن أتّخِذَ صاحبةً أو ولدًا] (١).
وقوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ﴾. أي: هؤلاء الذين أنكروا البعث والحساب والثواب والعقاب، وعاندوا ما رأوا من قدرة الله تعالى بغيًا واستكبارًا.
وقوله: ﴿وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ﴾ - يقيدون بها في نار جهنم.
وقوله: ﴿وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. أي: وهم سكان النار يوم القيامة ماكثون فيها أبدًا، لا يخرجون منها ولا يموتون، بل هم في شقاء مقيمون.
وقوله: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ﴾.
قال قتادة: (وهم مشركو العرب، استعجلوا بالشر قبل الخير، وقالوا: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢]، ﴿وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ﴾، وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلكم).
أي: يستعجل المكذبون بنزول العذاب بهم بطرًا واستكبارًا، وقد علموا ما أوقع الله بمن مضى من الأمم العاصية قبلهم، وضرب لهم في هذا القرآن الأمثال الكثيرة عن أسلافهم.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٣) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٥٣، ٥٤].
٢ - وقال تعالى: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾ [الشورى: ١٨].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [ص: ١٦].
وقوله: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٤٨٢) - كتاب التفسير - وانظر روايات أخرى في صحيح الجامع الصغير - (٤١٩٩)، (٤٢٠٣) - من حديث ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما.


الصفحة التالية
Icon