سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا وعيد لأهل الأرض شديد).
قلت: وأما عند رؤية السحاب والمطر فقد ثبت الدعاء فيه عن رسول الله - ﷺ -.
فقد أخرج ابن ماجه بسند صحيح عن المقدام بن شريح عن أبيه: [أن عائشة أخبرته أن النبي - ﷺ - كان إذا رأى سحابًا مقبلًا من أفق من الآفاق، ترك ما هو فيه. وإن كان في صلاته، حتى يستقبله. فيقول: "اللهم إنا نعوذ بك مِنْ شَرِّ ما أُرْسِلَ به" فإن أمطر قال: "اللهم سَيْبًا نافعًا" موتين أو ثلاثًا. وإن كشفه الله، عز وجل، ولم يمطر، حمد الله على ذلك] (١).
وقوله: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾.
أخرج أبو يعلى والبزار، واللفظ لأبي يعلى، بسند صحيح من حديث أنس قال: [بعث رسول الله - ﷺ - رجلًا من أصحابه إلى رجل من عظماء الجاهلية يدعوه إلى الله تبارك وتعالى فقال: أيش ربك الذي تدعوني من حديد هو؟ من نحاس هو؟ من فضة هو؟ من ذهب هو؟ فأتى النبي - ﷺ - فأخبره فأعاده النبي - ﷺ - الثانية، فقال مثل ذلك، فأتى النبي - ﷺ - فأخبره فأرسله إليه الثالثة، فقال مثل ذلك. فأتى النبي - ﷺ - فأخبره، فقال رسول الله - ﷺ -: إن الله قد أنزل على صاحبك صاعقة فأحرقته، فنزلت هذه الآية: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾] (٢).
وبنحوه رواية البزار، إلا أنه قال: (إلى رجل من فراعنة العرب - وقال الصحابي فيه: يا رسول الله! إنه أعتى من ذلك، وقال: "سحابة"، فوجع إليه الثالثة فأعاد عليه ذلك الكلام - قال: فبينما هو يكلمه إذ بعث الله سحابة حيال رأسه فرعدت فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه).

(١) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه (٣٨٨٩) - كتاب الدعاء - باب ما يدعو به الرجل إذا رأى السحاب والمطر. والسَّيْب والصَيِّب المطر الجاري على وجه الأرض من كثرته. وانظر صحيح سنن ابن ماجه (٣١٣٧)، وكذلك (٣١٣٨)، (٣١٣٩) من الباب نفسه.
(٢) حديث صحيح لشواهده. أخرجه أبو يعلى برقم (٣٤٦٨)، وأخرجه الطبري (١٣/ ١٢٥)، وذكره الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٤٢) وقال: (رواه الطبراني في الأوسط والبزار ورجال البزار رجال الصحيح غير ديلم بن غزوان وهو ثقة).


الصفحة التالية
Icon