وفي صحيح السنة من تلك الأمثال أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - ﷺ -: [مَثَلُ ما بعثني الله من الهدى والعلم كمثلِ الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكان منها نَقِيّةٌ، قبلت الماء، فأنبتتِ الكلأ والعُشْبَ الكثير، وكانت منها أجادِبُ، أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فَشربوا وسَقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كلأً، فذلك مثلُ من فَقُهَ في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعَلِمَ وعَلَّمَ، ومثلُ مَنْ لمْ يَرفَعْ بذلك رأسًا ولم يقْبَلْ هدى الله الذي أُرْسِلتُ به] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم عن ابن عمر عن النبي - ﷺ - قال: [مَثَلُ المُنافقِ كمثلِ الشاةِ العائرةِ بين الغَنَمَيْنِ، تَعِيرُ إلى هذه مَرَّةً، وإلى هذه مَرَّةً] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد في المسند، ومسلم في الصحيح عن أبي هريرة، عن رسول الله - ﷺ - أنه قال: [مثلي ومثلُكم كمثل رجل استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حولَه جعلَ الفراشُ وهذه الدواب التي يقعن في النار يَقَعْنَ فيها، وجعل يَحْجُزُهُنَّ ويغْلِبْنَه فَيَتَقَحَّمْنَ فيها، قال: فذلكم مثلي ومثلكم، أنا آخذ بحُجَزكم عن النار، هَلُمَّ عن النار، هَلُمَّ عن النار، هَلُمَّ، فتغلبوني، فتَقْتَحِمونَ فيها] (٣).
١٨ - ١٩. قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٨) أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (١٩)﴾.
في هذه الآيات: إثبات الله تعالى بلوغ الجنة لأهل طاعته، والخلود في مستقر

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٧٩)، كتاب العلم، وأخرجه مسلم في الصحيح (٢٢٨٢)، ورواه أحمد في المسند (٤/ ٣٩٩).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٧٨٤) - كتاب صفات المنافقين -. والعائرة: المترّددة، الحائرة لا تدري أيهما تتبع، ومعنى تعير أي تتردد وتذهب.
(٣) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٢/ ٣١٢)، ومسلم (٢٢٨٤) ح (١٨)، وانظر صحيح البخاري (٣٤٢٦)، وسنن الترمذي (٢٨٧٤)، وصحيح ابن حبان (٦٤٠٨).


الصفحة التالية
Icon