بهم، ﴿إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ﴾، يعني: إلى طريق الله المستقيم، وهو دينهُ الذي ارتضاهُ، وشَرَعَهُ لخلقه).
وقوله: ﴿اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ - أي ملكًا وخلقًا وتصريفًا وتدبيرًا. قرأه قراء المدينة والشام برفع اسم الجلالة ﴿اللَّهُ﴾ على الابتداء، وقرأهُ قراء العراق والكوفة والبصرة بالخفض: ﴿اللَّهِ﴾ على البدل، وكلاهما قراءتان مشهورتان،
وقولهُ: ﴿وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾.
تَوَعُّدٌ وتَهْدِيدٌ للكفار من سوء العذاب يوم القيامة. قال الزجاج: (﴿وَوَيْلٌ﴾ هي كلمة تقال للعذاب والهلكة).
وقوله: ﴿الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ - نَعْتٌ لأولئك الكفار، إذ اختاروا الحياةَ الفانية في هذه الدار الزائلة، على الحياة الأبدية السرمدية في الدار الآخرة الباقية، ولم يكتفوا بكفرهم وجنايتهم على أنفسهم، بل استطالوا على أهل العلم والحق لصدهم عن الدعوة إلى الله، مستخدمينَ بذلكَ كل أساليب الظلم والمكر لصد الناس عن سبيل الله ودينه الحق. قال القرطبي: (﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ أي يطلبون لها زَيْغًا وميلًا لموافقة أهوائهم، وقضاء حاجاتهم وأغراضهم).
وقوله: ﴿أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ﴾. أي في ذهاب عن الحق بعيد، وجور عن قصد السبيل، وتخبط في الظلمات والأهواء والفتن.
٤ - ٥. قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥)﴾.
في هذه الآيات: تقديرُ الله تعالى حكمتهُ في إرسال كل رسول بلسان قومه ولغتهم ليبينَ لهم ويقيم عليهم حجة الله البالغة، فمن اهتدى فبتوفيق الله له ومن ضلّ فبعقوبة الله له واللهُ عزيز حكيم. وإِخْبارُ الله سبحانه عن إرساله نبيّه موسى عليه السلام بآياته