أَجَلٍ مُسَمًّى} أي: يمتعكم متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى).
وقال ابن جرير: (يقول: يدعوكم إلى توحيدهِ وطاعته" ﴿لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾، يقول: فيستر عليكم بعضَ ذنوبكم بالعفو عنها، فلا يعاقبكم عليها، ﴿وَيُؤَخِّرَكُمْ﴾، يقول: وينسئ في آجالكم، فلا يعاقبكم في العاجل فيهلككم، ولكن يؤخركم إلى الوقت الذي كتَبَ في أمّ الكتاب أنه يقبضكم فيه، وهو الأجل الذي سمّى لكم).
وفي التنزيل: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ [هود: ٣].
وقوله: ﴿قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾.
أجابهم القوم: ما أنتم إلا بشرٌ مثلنا في الصورة والهيئة، ولستم ملائكة أو خلقًا خارقًا، ومن ثمَّ فلا فضلَ بيننا وبينكم ولا فضل لكم علينا، فلم تُخصونَ بالنبوة والرسالة دوننا، وإنما تريدون صرفنا عن عبادة ما كان يعبدهُ آباؤنا من الأوثان، فأتونا بحجة بينة تثبت صدق ما تدعوننا إليه.
قال النسفي: (﴿فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ بحجة بينة، وقد جاءتهم رسلهم بالبينات وإنما أرادوا بالسلطان المبين آية قد اقترحوها تعنتًا ولجاجًا).
وقوله تعالى: ﴿قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
إِخْبَارٌ عن إجابة رسلهم لهم، قالوا: صحيح أنّا بشرٌ مثلكم، وإنما يمنّ اللهُ بالرسالة والنبوة على من يشاء من عباده، فيصطفي لذلكَ من شاء من خلقه، ولا طاقة لنا كبشر على استحضار الآيات والمعجزات إلا بإذن الله لنا وتقديرهِ وتوفيقه، وما ثقتنا إلا باللهِ، عليهِ نتوكل وبه نستعين، شأن جميع المؤمنين.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾.
هو من تمام قيل الرسل لأممها: وَلمَ الا نثقُ كُلَّ الثقة بالله، ونستجير برحمته ونستعين بعنايته وكفايته ونصره، وهو الذي عَرَّفنا سبيل النجاة من سخطهِ وعذابه، وطريق السعادةِ في الدنيا والآخرة، وإنا سنتابعُ الطريق في دعوته متحمِّلين كل ألوان


الصفحة التالية
Icon