[كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسَانه، كما تُولد البهيمة بهيمةً جمعاء، هل تُحِسَّون فيها من جَدْعاء] (١). - زاد عبد الرزاق في رواية: [ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾].
قلت: وهذه الفطرة هي نتيجة من نتائج ذلك الميثاق الذي أخذه الله على ذرية آدم عليه السلام، وأشهد الخلق أمام أبيهم أنه لا حجة لهم أن يشركوا بالله شيئًا وحذرهم من أمرين:
١ - أن يدّعوا الغفلة.
٢ - أن يدّعوا التقليد.
الحديث الرابع: أخرج الطبراني بسند صحيح عن الأسود بن سريع مرفوعًا: [كل مولود يولد على الفطرة - وفي لفظ: على هذه الملة -، حتى يُعْربَ عنْهُ لسانُه، فأبواه يهوِّدانه، أو يُنَصِّرَانه، أو يمجِّسانه] (٢).
وعن ابن عباس: ﴿وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ﴾: إنه جبريل عليه السلام). وقال قتادة: (هو محمد - ﷺ -) - والمعنى متكامل، فجبريل مبلغ عن الله إلى محمد - ﷺ - الذي هو مبلغ لجميع الأمة.
وقوله: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾.
قال النسفي: (﴿وَمِنْ قَبْلِهِ﴾ ومن قبل القرآن ﴿كِتَابُ مُوسَى﴾ وهو التوراة، أي ويتلو ذلك البرهان أيضًا من قبل القرآن كتاب موسى عليه السلام ﴿إِمَامًا﴾ كتابًا مؤتمًا به في الدين قدوة فيه ﴿وَرَحْمَةً﴾ ونعمة عظيمة على المنزل إليهم - وهما حالان (٣) - ﴿أُولَئِكَ﴾ أي: من كان على بينة ﴿يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ بالقرآن).
وقوله: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ﴾.
قال قتادة: (﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾، قال: الكفار أحزاب كلهم على الكفر). وعن سعيد بن جبير: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ﴾، قال: من الملل كلها).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١٣٥٨)، (١٣٥٩)، ومسلم (٢٦٥٨)، وأبو داود (٤٧١٤)، والترمذي (٢١٣٨)، وأحمد (٢/ ٣٧٥)، والبغوي (٨٤)، وابن حبان (١٢٩)، (١٣٠)، (١٣٣)، وعبد الرزاق (٢٠٠٨٧)، وأخرجه الطيالسي (٢٣٥٩) و (٢٤٣٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٣٤٥)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٨٢٦)، والبيهقي في السنن (٩/ ٧٧ - ٧٨)، وإسناده صحيح.
(٣) أي "إمامًا"، و"رحمة" في محل نصب حال.


الصفحة التالية
Icon