وفي ذلكَ أحاديث من السنة الصحيحة العطرة:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب رضي اللهُ عَنْهُما، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا أُقْعِدَ المُؤمِنُ فيِ قَبرِهِ أُتِيَ ثم شَهِدَ أَنْ لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فذلكَ قولُه: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾] (١).
ثم قال البخاري: حدَّثنا محمد بن بشَّار: حدَّثنا غُنْدَرٌ: حَدثنا شعبة بهذا، وزاد: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ نزلت في عذاب القبر.
الحديث الثاني: أخرج مسلم في صحيحه، والترمذي في جامعه، عن سَعد بن عُبيدة، عن البراء بن عازب، عن النبي - ﷺ - قال: [﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ قال: نزلت في عذاب القبر، يُقال له: مَنْ رَبُّكَ؟ فيقول: ربي الله ونبيي محمد - ﷺ -، فذلكَ قولُهُ عزَّ وجلَّ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾] (٢). ولفظ الترمذي: [﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ قال: "في القبر إذا قيل له: من ربُّكَ وما دينُكَ ومَنْ نَبيُّك"].
الحديث الثالث: روى أحمد وأبو داود والبيهقي بسند صحيح عن البراء بن عازب قال: [خرجنا مع رسول الله - ﷺ - في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يُلحد، فجلس رسول الله - ﷺ - وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يدهِ عودٌ يَنْكُتُ بهِ في الأرض، فرفع رأسه فقال: استعيذوا باللهِ من عذاب القبر. مرتين أو ثلاثًا. ثم قال: إن العبدَ المؤمنَ إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة نزل إليهِ ملائكة من السماء بيض الوجوه كأنَّ وجوهَهم الشمسُ، معهم كفنٌ من أكفان الجنةِ وحنوطٌ من حَنُوطِ الجنّة، حتى يجلسوا منه مدَّ البصر. ثم يجيء ملكُ الموتِ حتى يجلسَ عند رأسهِ، فيقول: أيَّتُها النفسُ الطيِّبةُ، اخرجي إلى مغفرة من اللهِ ورضوانٍ. قال: فتخرجُ تسيل كما تسيلُ القطرة من في السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعُوها في يدهِ طرْفة عينٍ حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلكَ الكفن وفي ذلكَ الحنوطِ، ويخرجُ منها كأطيب نَفَحةِ مِسْكٍ وُجدت على وَجْهِ الأرض. فيصعَدُون بها، فلا يمرّون بها على ملأٍ من

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح - حديث رقم - (١٣٦٩)، كتاب الجنائز. باب ما جاء في عذاب القبر. وانظر (٤٦٩٩) منه.
(٢) حديث صحيح أخرجه مسلم (٢٨٧١) كتاب الجنة ونعيمها، وانظر سنن أبي داود (٤٧٥٠)، وسنن الترمذي (٣١٢٠)، وأخرجه النسائي في "التفسير" (٢٨٤)، والطبري (٢٠٧٥٩).


الصفحة التالية
Icon