وفي الصحيحين من حديث أبي موسى رضي اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إن اللهَ لَيُملي للظالم، فإذا أخذه لم يُفْلِتْهُ، ثم قرأ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾] (١).
٣١ - ٣٤. قوله تعالى: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (٣١) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (٣٣) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)﴾.
في هذه الآيات: أمْرُ اللهِ تعالى عبادهُ المؤمنين بإقامِ الصلاة وإيتاء الزكاة والإنفاق في سبيلهِ قبل مجيء يوم ينعدمُ فيه البيع وتُفقد فيهِ الخلة والصحبة. إنه تعالى الخالق الرزاق المسخّر المنعم الذي أعطاكم من كل ما سألتموه، وإن تحاولوا إحصاء نعم الله عليكم لا تدركوا بعض ذلك، وإنما الإنسان ظلوم كفار.
فقول: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾. قال ابن عباس: (يعني الصلوات الخمس).
وقوله: ﴿وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾. قال ابن عباس: (يقول: زكاة أموالهم). قال ابن كثير: (يقول تعالى آمرًا العباد بطاعته والقيام بحقِّه، والإحسان إلى خلقه، بأن يقيموا الصلاة، وهي عبادةُ الله وحدَه لا شريكَ له، وأن ينفقوا مما رزقهم الله بأداء الزكوات، والنفقة على القرابات والإحسان إلى الأجانب. والمرادُ بإقامتها هو: المحافظة على وَقتها وحُدودها، وركُوعها وخشوعها وسُجودها. وأمر تعالى بالإنفاق مما رَزَق في السِّر، أي: في الخُفْيَةِ، والعَلانية وهى، الجهرُ، وليبادروا إلى ذلكَ لخلاص أنفسهم).