[من تابَ قبلَ أَنْ تطلعَ الشمسُ من مَغْرِبها تابَ اللهُ عَليهِ] (١).
وقوله: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾.
قال مجاهد: (من كل ما سألتموه ورغبتم إليه فيه). وقال رُكانة بن هاشم: (ما سألتموه وما لم تسألوه). وقال الضحاك: (يقول: أعطاكم أشياء ما طلبتموها، ولا سألتموها، صدق اللهُ كم من شيء أعطاناهُ الله ما سألناه إياه، ولا خطر لنا على بال).
قال النسفي: ("من" للتبعيض" أي أتاكم بعض جميع ما سألتموه، أو وآتاكم من كل شيء سألتموه وما لم تسألوه، فما موصولة، والجملة صلة لها).
وقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾.
إخبار الله تعالى عبادهُ عن عجزهم عن القيام بحق شكره، إذ هم عاجزون عن إحصاء نعمه عليهم وفضله وإحسانه لهم، بل غالب حال الإنسان غفلة وظلم وجهل ونسيان للنعيم وحق المنعم جلّ ذكره.
قال طلق بن حبيب: (إنَّ حقّ الله أثقل من أن تقوم بهِ العباد، وإن نعم الله أكثر من أن تحصيها العباد، ولكن أصبِحوا تَوَّابين وأمسُوا توَّابين).
وفي صحيح السنة العطرة من آفاق معنى هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ - لأبي بكر وعمر: [والذي نفسي بيده! لَتُسْأَلُنَّ عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم] (٢).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لَنْ يُنْجِيَ أحدًا مِنكم عملُهُ، ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللهُ برحمته، ولكن سدّدوا وقاربوا واغْدُوا وَرُوحوا، وشيءٌ من الدُّلجَةِ، والقصدَ القَصْدَ تَبْلُغوا] (٣).
الحديث الثالث: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي أمامة: [أن النبي - ﷺ - كان إذا
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٠٣٨) - كتاب الأشربة - وهو جزء من حديث طويل.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٤٦٣)، وانظر (٥٦٧٣)، ورواه مسلم (٢٨١٦)، (٢٨١٧).