فقوله: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾.
قال ميمون بن مِهران: (هي وعيد للظالم وتعزية للمظلوم). والآية خطاب للنبي - ﷺ -: لا تحسَبَنَّ - يا محمد - الله ساهيًا عن أعمال هؤلاء المشركين من قومك، بل هو عالم بها وإنما يجازيهم بها في يوم كتب فيه مجازاتهم بها، وهو يوم الحساب. قال قتادة: (﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ قال: شخصت فيه والله أبصارهم، فلا ترتدّ إليهم).
قال القرطبي: (﴿لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ أي: لا تغمض من هول ما تراه في ذلك اليوم).
وقوله: ﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾. أي: مسرعين رافعي رؤوسهم.
قال النسفي: (﴿مُهْطِعِينَ﴾ مسرعين إلى الداعي ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ رافعيها).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ﴾ [القمر: ٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه: ١٠٨].
وفي لغة العرب: أهطع الرجلُ إذا مدّ عُنقه وصَوّب رأسه، وأهْطَعَ في عَدْوِه إذا أسرع. ومنه قول الضحاك: (﴿مُهْطِعِينَ﴾، قال: شدَّة النظر الذي لا يطرف). قال ابن جرير: (والإهطاع في كلام العرب بمعنى الإسراع أشهر منه بمعنى إدامة النظر).
وعن ابن عباس: (﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾، قال: الإقناع: رفع رؤوسهم).
وقال قتادة: (المقنع الذي يرفع رأسه شاخصًا بصره لا يطرف).
وقوله: ﴿لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾. أي: لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم، بل أبصارهم طائرة شاخصة، لشدة ما هم فيه من الهول والفِكرةِ والمخافة لما سينزل بهم.
وقوله: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾. قال ابن عباس: (ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة). وقال مرّة: (متخرقة لا تعي شيئًا). وقال مجاهد: (ليس من الخير شيء في أفئدتهم، كقولك للبيت الذي ليس فيه شيء إنما هو هواء). وقال ابن زيد: (الأفئدة: القلوب هواء كما قال الله، ليس فيها عقل ولا منفعة). وقال قتادة: (﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾