أخرج ابن أبي الدنيا بسند حسن من حديث ابن عمرو مرفوعًا: [نجا أوَّلُ هذه الأمة باليقين والزهد، ويَهلكُ آخرُها بالبُخْل والأمل] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾.
تنبيه لأهل مكة ولمن سار على منهاجهم في الكفر والطغيان وتكذيب الرسل: بأنه ما أهلك الله قرية إلا بعد إقامة حجّته البالغة على أهلها، وبأنه سبحانه لا يؤخر هلاك أمة حان أجل عقابها ونزول الدمار فيها.
وقوله تعالى: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾.
قال الزهري: (نرى أنه إذا حضر أجله، فإنه لا يؤخر ساعة ولا يقدّم، وأما ما لم يحضر أجله، فإن الله يؤخر ما شاء ويقدّم ما شاء).
وقال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ما يتقدّم هلاك أمة قبل أجلها الذي جعله الله أجلًا لهلاكها، ولا يستأخر هلاكها عن الأجل الذي جعل لها أجلًا).
٦ - ٩. قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (٨) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)﴾.
في هذه الآيات: اتِّهامُ الكفار محمدًا - ﷺ - بالجنون، وتنطُّعهم بطلب نزول الملائكة تشهد له بالنبوة إن كان من الصادقين، وردُّ الله تعالى عليهم طلبهم بأن الملائكة إنما تنزل بالرسالة على النبيين، أو بالعذاب على المجرمين، وتأكيدُ الله سبحانه أن هذا القرآن أنزله وتكفل بحفظه ولو كره الكافرون.
وعن الضحاك: (﴿وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ قال: القرآن).
قال النسفي: (﴿إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ يعنون محمدًا عليه السلام، وكان هذا النداء منهم على وجه الاستهزاء، كما قال فرعون: ﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾).