والخلاصة في تأويل الآية:
التأويل الأول: طريق الحق مرجعُها إلى الله تعالى، وإليه تنتهي، كما قال سبحانه: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ [النحل: ٩].
التأويل الثاني: أي مرجعكم كُلّكُم إليّ، وهو تهديد وتوعد من الله لإبليس ومن تبعه - ثم أجازيكم بأعمالكم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر. كما قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر: ١٤].
وكلاهما مما يحتمل من التأويل، ويتسع له البيان الإلهي المعجز.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾.
تأكيد على حماية الله تعالى عباده المؤمنين المخلصين من سبيل الشياطين.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: إن عبادي ليس لك عليهم حجة، إلا من اتبعك على ما دعوته إليه من الضلالة ممن غوى وهلك).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.
تأكيد لمكان مستقر الطغاة والمجرمين، وهي جهنم موعد الكفار أجمعين.
قال ابن كثير: (أي: جهنّم موعدُ جميع من اتَّبعَ إبليس، كما قال عن القرآن: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾ [هود: ١٧]).
وقوله تعالى: ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾.
إخبار من الله تعالى عن جهنم، أن لها سبعة أبواب، قد كُتب لكل باب منها جزءٌ من أتباع إبليس، اختارهم الله لذلك الباب لولوج جهنم منه حسب أعمالهم وتبعًا لجرائمهم. قال قتادة: (هي والله منازلُ بأعمالهم).
قلت: ونار جهنم كما أن لها سبعة أبواب، كذلك لها سبعون ألف زِمام (١).
ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مَعَ كل زمام سبعون ألف ملك يجرُّونها] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ١٤٩)، وانظر مختصر صحيح مسلم - حديث رقم - (١٩٧٥)، كتاب صفة النار، باب: في ذكر أزِمّة النار.