قال ابن جرير: (وقيل يقين، وهو موقن به). وقال البخاري: (قال سالم - يعني ابن عبد الله بن عمر - ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾: الموت).
وفي التنزيل إخبار عن أهل النار - حين قالوا: ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ [لمدثر: ٤٣ - ٤٧].
وفي صحيح البخاري عن أمّ العلاء - امرأة من نساء الأنصار بايعت النبي - ﷺ -: [أن عثمان بن مظعون طارَ لَهُ سَهْمُهُ في السُّكْنَى حين اقترعَتِ الأنصار سُكنى المهاجرين، قالت أمُّ العلاء: فسَكَن عندنا عثمان بن مظعون فاشتكى فَمَرَّضناهُ، حتى إذا تُوُفِّيَ وجعلناهُ في ثيابهِ دخل علينا رسول الله - ﷺ -، فقلت: رَحْمَةُ الله عليكَ أبا السائب، فشهادتي عليكَ لقد أَكْرمَكَ الله. فقال لي النبي - ﷺ -: وما يُدْريكِ أن الله أكرمه؟ فقلتُ: لا أدري بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله، فقال رسول الله - ﷺ -: أما عثمانُ فقد جاءهُ واللهِ اليقينُ، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يُفعلُ به. قالت: فواللهِ لا أُزَكِّي أحدًا بعدهُ أبدًا، فأحزنني ذلكَ، قالت: فَنِمْتُ فرأيتُ لِعثمانَ عَيْنًا تجري فَجِئْتُ إلى رسول الله - ﷺ - فأخْبَرْتُهُ فقال: ذلكَ عَمَلُه] (١).
والخلاصة: هذا رسول الله - ﷺ - قد أمرهُ الله بعبادتهِ حتى آخر لحظة من حياته، وهو خير البشر قاطبة، وفي هذا ردٌّ على الزنادقة الذين يزعمون أنهم إذا وصلوا إلى اليقين - ويعنون بذلكَ المعرفة - رُفع عنهم التكليف، فنعوذ باللهِ من الانحراف عن منهاج النبوة في القول والعمل، ونسألُ الله الثبات على الدين الحق إلى يوم نلقاه، إنه سميع قريب.
تم تفسير سورة الحجر
بعون الله وتوفيقه، وواسع مَنِّهِ وكَرَمِه
° ° °