بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
١ - ٩. قوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١) يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (٢) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٧) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (٩)﴾.في هذه الآيات: تَأْكِيدُ الله تعالى وقوع الساعة بصيغة الماضي لِيَهُدَّ بذلك عزيمة المستعجلين المشركين. إنه تعالى ينزل الملائكة بالوحي على من يشاء من عباده فله الخلق والأمر فالبشرى للمتقين والخزي على المشركين. لقد خلق الإنسان من نطفة من ماء مهين، فلما ترعرع وكبر صار لربه المنعم كالخصم المبين، وكذلك خَلَقَ سبحانه الأنعام وجعل فيها المنافع والدفء والزينة وغير ذلك لقوم يفقهون. وخلق الخيل والبغال والحمير للركوب والزينة ويخلق من المراكب ما لا تعلمون. كل ذلك ليهتدي الخلق إلى ربهم فيعظموه ويشكروه ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
فقوله: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ - ردٌّ على بعض المشركين الذين كانوا يستعجلون ما وعدوا من قيام الساعة ونزول العذاب بهم استهزاءً وتكذيبًا. فأتى بصيغة الماضي ليدل على تأكيد وقوع الساعة لا محالة، وأنه عن قريب سيكون بمنزلة ما مضى من الأحداث.