مراعيها إلى مُراحها (١) - وهو مقرها في دور أهلها بالعشي - ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ أي تخرجونها بالغداة إلى المراعي).
وقال الزمخشري: (منَّ الله بالتجمل بها كما مَنَّ بالانتفاع بها. لأنه من أغراض أصحاب المواشي. بل هو من معاظمها. لأن الرعيان، إذا روحوها بالعشي، وسرحوها بالغداة، فزينت بإراحتها وتسريحها الأفنية، وتجاوب فيها الثغاء والرغاء، آنست أهلها وفرَّحت أربابها. وأجلتهم في عيون الناظرين إليها، وأكسبتهم الجاه والحرمة عند الناس. ونحوه: ﴿لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: ٨] ﴿يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦]. فإن قلت: لم قدمت الإراحة على التسريح؟ قلت: لأن الجمال في الإراحة أظهر، إذا أقبلت ملأى البطون، حافلة الضروع، ثم أوت إلى الحظائر حاضرة لأهلها) انتهى.
وقوله: ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ﴾. قال عكرمة: (لو تكلفونه لم تبلغوه إلا بجهد شديد). وقال قتادة: (يقول: بجهد الأنفس).
وقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾. أي ذو رحمة بكم، لتشكروه على نعمه عليكم، فيزيدكم من كرمه وفضله.
وقوله: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾. قال ابن عباس: (هذه للركوب، ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ قال: هذه للأكل). قال النسفي: (عطف على الأنعام، أي وخلق هذه للركوب والزينة). وقال القرطبي: (ولما أفرد سبحانه الخيل والبغال والحمير بالذكر دل على أنها لم تدخل تحت لفظ الأنعام. وقيل: دخلت ولكن أفردها بالذكر لما يتعلق بها من الركوب، فإنه يكثر في الخيل والبغال والحمير).
قلت: والعطف بين البغال والخيل والحمير لا يقتضي التساوي في حكم الأكل، فإن النهي جاء بالنص الصحيح عن أكل لحوم البغال والحمير، والإذن في أكل لحوم الخيل. وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: