وقوله تعالى: ﴿وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾. قال ابن عباس: (يعني بالعلامات: معالم الطرق بالنهار، وبالنجم هم يهتدون بالليل).
قلت: وتشمل العلامات الجبال الكبار، والآكام الصغار، ونحو ذلك مما يستدل به المسافرون أثناء النهار، وفي البر والبحار.
وقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾. أي: هل الأوثان والطواغيت التي لا تخلق أحقّ بالعبادة أم الله الخالق البارئ القهار، الذي خلق كل شيء وبيده أمر كل شيء. قال النسفي: (﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ فتعرفون فساد ما أنتم عليه). وقال ابن جرير: (يقول: أفلا تذكرون نعم الله عليكم، وعظيم سُلطانه وقدرته على ما شاء، وعجز أوثانكم وضعفها ومهانتها، وأنها لا تجلب إلى نفسها نفعًا، ولا تدفع عنها ضرًّا، فتعرفوا بذلك خطأ ما أنتم عليه مقيمون من عبادتكموها وإقراركم لها بالألوهة).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
تَنْبِيهٌ من الله سبحانه على كثرة نعمه وعظيم إحسانه إلى عباده بما لا يعد ولا يحصى، فحق عبادته غير مقدور، وكثيرٌ من تقصير عباده في شكرهم له مجبور، وهو الرحيم بعباده إذا أنابوا وتابوا فيتجاوز عن إساءات كبيرة ويعفو عن كثير.
قال ابن كثير: (﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، أي: يتجاوز عنكم، ولو طالبكم بشكر جميع نِعمه لعجزتُم عن القيام بذلك، ولو أمركم به لضعفتم وتركتم، ولو عذّبكم لَعَذَّبكم وهو غير ظالم لكم، ولكنه غفور رحيم، يغفر الكثير، ويجازي على اليسير).
قلت: والشكر هو سيلان اللسان بذكر الله ونعمائه، واختلاج القلب وتلهفه وتواضعه لكرمه، وإعمال الجوارح في طاعته وتعظيم أوامره.
وقواعد الشكر خمسة: الخضوع للمشكور، ومحبته، والاعتراف بنعمته، وثناؤه عليها، وصرفها فيما يحبه ويرضاه.
وآلات الشكر ثلاثة: اللسان والقلب والجوارح.
وشكر الناس نوعان: شكر العامة، وشكر الخاصة:
١ - شكر العامة: وهو شكر على ما يشغلهم على الغالب كالمطعم والمشرب والملبس