ظهر الأرض من دابة - كافرة، أو قيل: بل المراد العموم -. قال النسفي: ﴿مِنْ دَابَّةٍ﴾ قط، ولأهلكها كلها بشؤم ظلم الظالمين).
قلت: ويبدو أن الهلاك يعمّ إذا كثر الخبث، ثم يحشر الله الناس على نياتهم.
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [فاطر: ١٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: ٣٨].
وفي صحيح السنة المطهرة من ذلك المعنى أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أم المؤمنين أمِّ الحَكَم زينب بنتِ جَحْشٍ رضي الله عنها: [أن النبي - ﷺ - دخل عليها فَزِعًا يقول: لا إله إلا الله، وَيْلٌ للعربِ من شرٍّ قد اقتربَ، فُتِحَ اليوم من رَدْمِ يأجوجَ ومأجوجَ مِثْلُ هذه - وحَلَّق بأصْبُعَيْه الإبهام والتي تليها -. فقلت: يا رسول اللهَ أَنَهْلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري عن أم المؤمنين أُمِّ عبد الله عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - ﷺ -: [يَغْزو جَيْشٌ الكعبة، فإذا كانوا بِبَيْداءَ من الأرض يُخْسَفُ بأولهم وآخِرهم. قالت: قلت: يا رسول الله، كيف يُخْسَفُ بأولهم وآخِرهم وفيهم أسواقُهم (٢) ومن ليسَ مِنْهم؟ ! قال: يُخْسَفُ بأولهم وآخِرهم، ثم يُبْعثون على نِيَّاتهم] (٣).
الحديث الثالث: خَرَّجَ مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إذا أراد الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بُعثوا على نياتهم] (٤).
(٢) أي أهل أسواقهم أو السوقة منهم. وفيه أن من كثَّر سواد قوم في المعصية لحقته العقوبة، وفيه التحذير من مصاحبة أهل المعصية والظلم، وأن العمل بالنية.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤/ ٢٨٤) - واللفظ له - وأخرجه مسلم - (٢٨٨٤) نحوه.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (٢٨٧٩)، وأحمد في مسنده (٢/ ٤٠) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.