٢ - قال قتادة أيضًا: (﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾. قال: قد أُفرِطوا في النار: أي مُعْجَلون). أو قال: (يقول: مُعْجَلون إلى النار).
٣ - قال سعيد: (﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾ قال: مُخْسَئون مُبْعدون).
قال ابن كثير: (﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾. قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وغيرهم: مَنْسِيُّون مُضَيَّعُون. وهذا كقوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ [الأعراف: ٥١]. وعن قتادة أيضًا: ﴿مُفْرَطُونَ﴾، أي: مُعْجَلُون إلى النار، من الفَرَط وهو السابق إلى الوِرْد. ولا منافاة، لأنهم يُعْجَل بهم يوم القيامة إلى النار، ويُنْسَونَ فيها، أي: يُخَلَّدُون).
وقوله تعالى: ﴿تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. تسلية للنبي - ﷺ - بأن ما يلقاه من تكذيب قومه قد واجهه إخوته الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - قبله. قال ابن جرير: (﴿فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ يقول: فَحَسَّنَ لهم الشيطان ما كانوا عليه من الكفر بالله وعبادة الأوثان مقيمين، حتى كذبوا رسلهم، وردّوا عليهم ما جاؤوهم به من عند ربهم). وقال القرطبي: (﴿فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ﴾ أي ناصرهم في الدنيا على زعمهم. ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ في الآخرة. وقيل: ﴿فَهُوَ وَلِيُّهُمُ﴾ أي قرينهم في النار. ﴿الْيَوْمَ﴾ يعني يوم القيامة، وأطلق عليه اسم اليوم لشهرته. وقيل: يقال لهم يوم القيامة: هذا وليّكم فاستنصروا به لينجيكم من العذاب، على جهة التوبيخ لهم).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾. بيان لحجية القرآن للفصل بين الناس في كل ما يختلفون فيه، إضافة لكونه هدى للقلوب ورحمة للمتمسك بنوره وهديه من المؤمنين.
٦٥ - ٦٧. قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (٦٦) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٦٧)﴾.
في هذه الآيات: امتنان الله تعالى على العباد بنعمة الماء والأنعام، واللبن السائغ