وجعل شهادته الحكم الفصل على أعمال أمته وتصديقهم له أو تكذيبهم، وعلى بلاغ الرسل لأممهم.
وفي التنزيل: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١].
ومن كنوز صحيح السنة في آفاق معنى الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج أحمد والبخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك، فَيُقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم. فيُدعى قومه، فيقال لهم: هل بلّغكم هذا؟ فيقولون: لا، فيقال له: من يشهد لكَ، فيقول: محمدٌ وأمته، فيدعى محمدٌ وأمته، فيُقال لهم: هل بَلّغَ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فَيُقال: وما علمكم بذلك؟ فيقولون: جاءنا نبيّنا، فأخبرنا أن الرسل قد بلَّغوا فصدَّقناه، فذلك قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري في صحيحه، وأحمد في مسنده، والترمذي في جامعه، عن أبي سعيد، عن النبي - ﷺ - قال: [يجيء نوحٌ وأمَّته، فيقول الله: هل بَلَّغت؟ فيقول: نعم أي ربِّ! فيقول لأمته: هل بَلَّغَكُم؟ فيقولون: لا، ما جاء لنا من نبيّ، فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمّته، وهو قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾. والوسط: العدل، فيُدعون، فيشهدون له بالبلاغ، ثم أشهد عليكم] (٢).
الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي - ﷺ -: [اقرأ عليَّ القرآن، فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٨/ ١٣٩)، (٦/ ٢٨٦)، وأحمد (٣/ ٣٢)، ورواه الترمذي وغيره، انظر صحيح الجامع - حديث رقم - (٧٨٩٠).